إلى المحتوى الرئيسي

"لا يجوز أن يفلت أحد من العقاب"

إجابات على العالم المتغير: السفير هويسغن يتحدث عن عواقب التحول.

آرند فيسترلينغ , 16.02.2023
آثار الدمار في كييف بعد الهجمات الروسية
آثار الدمار في كييف بعد الهجمات الروسية © picture alliance / NurPhoto

سعادة السفير هويسغن، أصبحنا على أبواب مؤتمر الأمن الأول بعد "التحول" الكبير: ما الذي تغير الآن؟
منذ الرابع والعشرين من شباط/فبراير 2022 أصبح للعام وجه آخر. هكذا كان التوصيف الصحيح للمستشار أيضا، في كلمته أمام البوندستاغ في شباط الماضي، والتي تحدث فيها عن التحول الكبير.  

يتوجب علينا أن نتساءل هذا العام عما يمكننا القيام به في مواجهة هذا الاعتداء الإجرامي السافر على النظام الدولي القائم على القواعد والقوانين. هذا السؤال في غاية الأهمية، حيث أن الإجابة مشروطة بقدرتنا على الحيلولة دون تكرار مثل هذه المواقف في المستقبل. يجب علينا أن نوضح أن تكلفة هذا الانتهاك الصارخ للحضارة يجب أن تكون باهظة جدا. وإذا لم نقم بذلك فإن بلدانا أخرى، لا تعجبها حدودها الحالية سوف تجد حجة في استخلاص استنتاجاتها الخاصة. والنتيجة الحتمية نراها كل يوم أمام أعيننا في أوكرانيا: آلاف القتلى، معاناة لا متناهية، دمار بلا جدوى.  

كريستوف هويسغن، رئيس مؤتمر ميونيخ للأمن
كريستوف هويسغن، رئيس مؤتمر ميونيخ للأمن © picture alliance / Alexander SCHUHMANN_aI

ضمن هذا السياق يعتبر العمل على مواجهة الإفلات من العقاب مسألة في غاية الأهمية. لا يجوز أن تبقى جرائم الحرب وجرائم المعتدي من دون عقاب. لهذا السبب نحن بحاجة إلى محكمة خاصة بالأمم المتحدة، يمكن أن يمثل أمامها بوتين وأعوانه ويتعرضون للمحاكمة على جرائمهم. رغم ذلك يجب أن نواجه فكرة الإفلات من العقاب في البلدان الأخرى بقوة أكبر أيضا. لهذا سوف تحظى هذه المسألة بالتحديد بمكانة كبيرة على برنامج فعاليات المؤتمر الأساسية.  

Dieses YouTube-Video kann in einem neuen Tab abgespielt werden

YouTube öffnen

محتوى ثالث

نحن نستخدم YouTube، من أجل تضمين محتويات ربماتحتوي على بيانات عن نشاطاتك. يرجى التحقق من المحتويات وقبول الخدمة من أجل عرض هذا المحتوى.

فتح تصريح الموافقة

Piwik is not available or is blocked. Please check your adblocker settings.

قرر الاتحاد الأوروبي والناتو ومجموعة السبعة الكبار G7 الوقوف إلى جانب أوكرانيا. ولكن ما معنى أن تكون ردود الأفعال متفاوتة على المستوى العالمي؟
الموقف الموحد في غاية الأهمية. سواء تعلق الأمر بالعقوبات على روسيا أو بالجهود الرامية إلى إيجاد حلول دبلوماسية أو بالدعم الاقتصادي لأوكرانيا أو بإرسال شحنات الأسلحة إليها. نحن الأوروبيون يمكننا أن نشعر بالسعادة والامتنان لوقوف الأمريكيين بقيادة جو بايدن إلى جانبنا بكل إصرار وقوة.   

إلا أنه لا يوجد في العالم جبهة موحدة ضد بوتين. 35 بلدا امتنعت عن التصويت في الجمعية العمومية لمنظمة الأمم المتحدة، عندما كانت المسألة تتعلق بإدانة العدوان الروسي. يعيش ثلثا سكان العالم في بلدان تتخذ موقفا محايدا أو مؤيدا للموقف الروسي. في العديد من بلدان أمريكا الجنوبية وأفريقيا وآسيا تسود الروايات الروسية والصينية التي تَدّعي أن الولايات المتحدة والناتو يتحملان المسؤولية عن اندلاع هذه الحرب الرهيبة. كما يتولد الانطباع في كثير من الأحيان بأننا دخلنا عصر صراع بين الشرق والغرب، ستكون فيه بلدان الجنوب هي الضحية مرة أخرى.  

يجب علينا أن نتصدى بكل حزم لهذا الانطباع. يتوجب علينا مرارا وتكرارا التأكيد على أن المسألة هنا ليست صراعا بين الشرق والغرب، وإنما صراع بين مؤيدي ومعارضي النظام العالمي القائم على قواعد ونظم وقوانين. الوقوف إلى جانب المعتدي وبالتالي في مواجهة مبادئ النظام العالمي القائم على القواعد والقوانين، مثل حماية سيادة البلدان، يعتبر بمثابة إطلاق النار على الذات. لا يجوز أن يكون الحياد خيارا في مثل هذه المسألة الأساسية المهمة. بل إنه يعتبر بمثابة الإهمال والتخلي عن تقديم المساعدة.   

لقد أظهر أصدقاؤنا الأمريكان مقدرة كبيرة على القيادة
كريستوف هويسغن، رئيس مؤتمر ميونيخ للأمن

في صلب مؤتمر الأمن لهذا العام أيضا مسألة الشراكة عبر الأطلسي. كيف تُقَيّمون العلاقات بين أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية؟
كانت الشراكة عبر الأطلسي منذ البداية أحد الدعائم الأساسية لمؤتمر ميونيخ للأمن. وهي تكتسب هذا العام أهمية إضافية خاصة. لهذا السبب تسعدني جدا مشاركة الولايات المتحدة بوفد رفيع المستوى، وبحجم كبير لم يسبق له مثيل. لقد أظهر أصدقاؤنا الأمريكان مقدرة كبيرة على القيادة، في معرض الحرب الأوكرانية. دعمهم العسكري لأوكرانيا يعادل عشرة أضعاف الدعم الألماني.  

ولكن يجب ألا نقع في الخطأ. فالاستراتيجية الأمنية الأمريكية للسنة الماضية لا تخفي حقيقة أن الصين تبقى التهديد الأول للولايات المتحدة، على الرغم من أن روسيا تشكل حاليا تهديدا خطيرا. الآمال المعقودة على الأوروبيين في تولي مزيد من المسؤولية في أوكرانيا بالتحديد، وفي المناطق المجاورة لهم بشكل عام، هي في تزايد مستمر. في ذات الوقت تزداد أيضا الضغوط السياسية الداخلية على الرئيس بايدن قبل الانتخابات الرئاسية، من أجل إبراز مزيد من القوة.  

سوف تزداد باستمرار صعوبة تفسير سبب عدم التزام الألمان، رغم الوعود المتكررة، بالوصول بحجم الإنفاق العسكري إلى نسبة 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، كما هو متفق عليه ضمن إطار حلف الناتو. ففي حال تولت مقاليد الحكم في الولايات المتحدة حكومة أقل "أوروبيّة" من الحكومة الحالية، لن يكون بمقدورنا توقع مشاركة الأمريكيين دوما، بناء على طلب الحكومة الألمانية الاتحادية، كما حصل على سبيل المثال في مسألة تقديم آليات ليوبارد القتالية المصفحة. حيث يتراجع التجاوب مع مثل هذه التوقعات في واشنطن بشكل متزايد.   

يجب علينا صياغة تحالفات جديد
كريستوف هويسغن، رئيس مؤتمر ميونيخ للأمن

ما هي التحديات التي تنطوي عليها سياسة بكين حيال تايوان بالنسبة لألمانيا ولأوروبا بشكل عام؟
أعلن الرئيس الصيني، شي، رسميا خلال المؤتمر الأخير للحزب الشيوعي أنه من الممكن أيضا اللجوء إلى القوة العسكرية لضم تايوان. وبالنظر إلى هونغ كونغ وإلى تطورات الأوضاع في جنوب بحر الصين بشكل عام، يمكننا أن نشاهد كيف أن بكين على استعداد لضرب المعاهدات الدولية بعرض الحائط. في الولايات المتحدة تجري الاستعدادات لاتخاذ خطوات فعلية ردا على احتمال إعلان ضم تايوان. وقد صرح الرئيس بايدن أنه على استعداد للوقوف إلى جانب تايوان عسكريا، إذا دعت الحاجة. وسوف نكون نحن الأوروبيون إلى جانب الولايات المتحدة، مع العلم بأننا نفتقد إلى الإمكانات العسكرية الكبيرة التي تمكننا من لعب مثل هذا الدور في تلك المنطقة.  

وسوف نواجه عواقب اقتصادية هائلة في هذه الحال. يتوجب علينا الاستعداد لمثل هذه الحال من خلال العمل على تخفيف التبعية الاقتصادية، من جانب واحد. هذا درس واضح تعلمناه من العلاقة مع روسيا. لا يجوز أن نجعل أنفسنا قابلين للابتزاز بهذه الطريقة مرة أخرى. ما كان يتمثل مع روسيا في النفط والغاز، يتمثل مع الصين على سبيل المثال في مواد التربة النادرة وخلايا الطاقة الشمسية. يجب علينا إذا صياغة تحالفات جديدة، كي نتجنب إمكانية أن نصبح أشد ضعفا وتبعية في مواقع أخرى، بسبب التحول الأخضر المهم جدا. 

 


يترأس السفير كريستوف هويسغن منذ 2022 مؤتمر ميونيخ للأمن. عمل الدبلوماسي المخضرم مستشارا لأنجيلا ميركل منذ 2005. وقد كان مندوب ألمانيا الدائم لدى منظمة الأمم المتحدة من 2017 حتى 2021، وترأس بصفته هذه مجلس الأمن الدولي مرتين، في نيسان/أبريل 2018 وفي تموز/يوليو 2020. يعتبر مؤتمر ميونخ للأمن (MSC) المنتدى غير الرسمي الأكثر أهمية في العالم، الذي يعالج السياسات الأمنية.

© www.deutschland.de 

هل ترغب في الحصول على معلومات منتظمة عن ألمانيا؟ كيفية تسجيل الدخول: