إلى المحتوى الرئيسي

فكر الشباب الأخضر

التعاون على إيقاف تلوث البيئة: شباب من مصر ينشطون في المدارس والشركات الناشئة، بدعم ألماني.

أستريد هيربولد, 08.11.2022
تلاميذ مشاركون في برنامج "أبطال البيئة" Eco Heroes
تلاميذ مشاركون في برنامج "أبطال البيئة" Eco Heroes © Mohamed Mesheal

تواعدنا على اللقاء في القاهرة الجديدة، ذلك الحي الجديد الأنيق الواقع شرقي العاصمة المصرية ذات الملايين العديدة. هنا تستأجر المنظمة البيئية الشابة أنت تفكر بالأخضر من وقت لآخر بعضاً من قاعات الاجتماعات في مجمع صغير للتعاون والتنسيق المشترك. شاعرية المكان - وسائد جلوس، مظلة شمسية، وحديقة مزينة بشجيرات مزهرة - لا تكاد تكفي للتعمية عن جسامة الموضوع. مصر التي تستضيف مؤتمر المناخ الدولي في تشرين ثاني/نوفمبر 2022 تعاني من موجات الحر وشح المياه في سياق التغير المناخي، شأنها في ذلك شأن العديد من الدول الأفريقية. يضاف إلى ذلك مشاكل النفايات، وتلوث الهواء، والوقود الأحفوري، وغيرها. "نحن مصممون على أن نفعل شيئاً في مواجهة تلك المشكلات"، يوضح عمرو سليم من منظمة "أنت تفكر بالأخضر" Youthinkgreen.

عمرو سليم من منظمة "أنت تفكر بالأخضر" Youthinkgreen خبير استشاري على صعيد سياسات المناخ، والطاقة، والبيئة.
عمرو سليم من منظمة "أنت تفكر بالأخضر" Youthinkgreen خبير استشاري على صعيد سياسات © privat

المهندس المصري الشاب يتحدث الألمانية بطلاقة، إذ أنه وبعد إتمامه دراسة الهندسة الميكانيكية في القاهرة قد حصل على درجة ماجستير الاختصاصات المتعددة في إدارة الموارد المستدامة من جامعة ميونخ التقنية. وبدوره فإن مؤسس منظمة "أنت تفكر بالأخضر" Youthinkgreen، عبد الرحمن فهمي، لديه أيضاً صلات وثيقة مع ألمانيا منذ سنين عديدة، إذ أن بدايات المنظمة المصرية التي تأسست في العام 2013 ترجع إلى مبادرة ألمانية حملت الاسم ذاته „Youthinkgreen – jugend denkt um.welt“ (أنت تفكر بالأخضر – شباب يغيرون العالم). فهمي - والذي كان حينها لا يزال طالباً - حمل الفكرة في جعبته إلى مصر بعد زيارة قصيرة إلى برلين قبل حوالي عشر سنوات: ناشطون شباب يشجعون نظراءهم من الشباب والشابات على المشاركة الفاعلة في العمل من أجل حماية البيئة.

توعية الأطفال والشباب تجاه حساسية القضايا البيئية

هذه المبادرة، والتي أخذت في بادئ الأمر شكل نشاط تطوعي للأعضاء المؤسسين، تحولت مع مرور الزمن إلى مؤسسة اجتماعية غير ربحية تضم اليوم حوالي 15 موظفاً. ومنظمة "أنت تفكر بالأخضر" الشابة لم تحقق خلال السنوات الأخيرة القفزة نحو الاحترافية وحسب، وإنما تمكنت من توسيع مجالات عملها بشكل ملحوظ أيضاً: هنالك أولاً الهيكليات التعليمية التي يتولى فريق المنظمة تنظيمها وتنفيذها على أرض الواقع بصورة دورية، وكثيراً ما يكون ذلك بالتعاون مع بعض الشركاء الألمان. هنا تتم توعية الأطفال والشباب تجاه أهمية القضايا البيئية وفق أسلوب منهجي ومدروس من خلال المعسكرات وورشات العمل والمسابقات وغيرها. "خلافاً لما هي عليه الحال في ألمانيا فإن مصر لم تشهد حضوراً واسعاً لحركة العمل التطوعي من أجل المستقبل بين صفوف اليافعين، على غرار حركة أيام الجمعة من أجل المستقبل"، يوضح عمرو سليم. صحيح أن الكثير من الشباب والشابات يدركون أن هنالك مشكلات بيئية جسيمة، لكنهم نادراً ما يكون لديهم تصور ملموس عن الأمور التي يستطيع المرء تغييرها في محيطه المباشر. ولهذا الغرض فقد أطلقت منظمة "أنت تفكر بالأخضر" مؤخراً، بالتعاون مع معهد غوته في الإسكندرية، برنامج "أبطال البيئة" Eco Heroes. 90 تلميذة وتلميذ من مدن شتى استمعوا إلى المحاضرات، وشاركوا في الندوات، وتعرفوا على منشآت عدة شملت معملاً للبلاستيك ومحطات الطاقة الشمسية في جامعة الإسكندرية. ثم قام هؤلاء الشبان والشابات بعد ذلك بتقديم مشاريع الحلول الإبداعية خاصتهم، من خلال أفلام وثائقية قصيرة. وقد تضمنت تلك المشاريع أفكاراً منوعة من قبيل التشجير بالسلالات المحلية، والألعاب الخشبية المستدامة، وإعادة تدوير إطارات السيارات القديمة في صناعات صديقة للبيئة، وغيرها.

Dieses YouTube-Video kann in einem neuen Tab abgespielt werden

YouTube öffnen

محتوى ثالث

نحن نستخدم YouTube، من أجل تضمين محتويات ربماتحتوي على بيانات عن نشاطاتك. يرجى التحقق من المحتويات وقبول الخدمة من أجل عرض هذا المحتوى.

فتح تصريح الموافقة

Piwik is not available or is blocked. Please check your adblocker settings.

بعد ذلك تم انتقاء المشاريع الأفضل من قبل لجنة تحكيم مختصة. وجرى تكريم الفائزين خلال أمسية احتفالية آخر تموز/يوليو 2022 في مبنى السفارة الألمانية في القاهرة. اختيار المكان لم يكن على سبيل المصادفة: ألمانيا مهتمة منذ سنين عديدة بمسألة التغير المناخي وحماية البيئة في مصر. ففي العام 2011 تم تأسيس منصة "حوارات القاهرة المناخية" Cairo Climate Talks (CCT) كمشروع للتعاون المشترك بين السفارة الألمانية في القاهرة ووزارة البيئة المصرية والعديد من الشركاء الآخرين من كلا البلدين. تفيد الفعاليات الدورية التي تنظمها منصة CCT في تعزيز التبادل بين الباحثين، والحكومات، والقطاع الخاص، وهيئات المجتمع المدني.

"هذا تماماً ما تحتاجه مصر بصورة ملحة"، يقول عمرو سليم. ولهذا السبب فإن منظمة "أنت تفكر بالأخضر" Youthinkgreen لا تركز اهتمامها على العروض التربوية للتلاميذ وحسب، وإنما تهتم أيضاً بتحفيز الشركات المصرية الناشئة على التوجه أكثر وأكثر نحو التقنيات المستدامة. لم تشهد مصر في الماضي إلا نادراً تأسيس شركات جديدة في مجال تكنولوجيا البيئة، ولم يتحول هذا الفرع من فروع الاقتصاد إلى النمو التدريجي إلا منذ بضع سنوات فقط. وحيث أن إجراءات الدعم الحكومي يقتصر حضورها على نقاط قليلة محددة، فإن المؤسسين الناشئين المهتمين بتطوير تقنيات إبداعية في مجال محطات إعادة التدوير، أو محطات الطاقة الشمسية، أو محطات معالجة المياه على سبيل المثال، يحتاجون اليوم إلى قدر هائل من الدعم - والأفضل أن يكون ذلك على شكل ما يعرف ببرامج "المحفزات" والتي تهتم بتوفير سبل دعم انطلاق الشركات الناشئة بوسائل احترافية.

استقطاب المستثمرين من الخارج

هنا أيضاً ترى منظمة "أنت تفكر بالأخضر" Youthinkgreen نفسها كطرف قادر على بناء الجسور، حيث يهتم فريق المنظمة بالمضي قدماً في مد جسور جديدة بين أوروبا ومصر. وهكذا فقد استقدم عمرو سليم وزملاؤه مؤخراً إلى مصر إحدى كبرى مسابقات التقنيات النظيفة على مستوى العالم، والمتمثلة في برنامج منصة إطلاق مشاريع المناخ „ClimateLaunchPad“ المقام في هولندا والذي يشارك في تمويله الاتحاد الأوروبي. وقد تكللت مساعيهم بنجاح لافت: لقد نجح بعض المبدعين المصريين الناشئين، كمبتكري التقانة الجديدة ذات التكلفة المتواضعة لفلترة الماء، في بلوغ الدور النهائي من مسابقة „ClimateLaunchPad“. وهؤلاء يتوجب اليوم إيلاؤهم مزيداً من الدعم وإقامة الصلات بينهم وبين المستثمرين.

هذا التطور إنما هو البداية ليس أكثر، من منظور منظمة "أنت تفكر بالأخضر" Youthinkgreen. "نحن نطمح إلى إنشاء معهد يجسد التشابك الحقيقي بين كل من الاقتصاد والبحث العلمي والسياسة،" يقول سليم. هذا المعهد من شأنه أن يوفر للشركات المصرية الصغيرة والمتوسطة، العاملة على إدخال التكنولوجيا الخضراء إلى السوق المصرية، ما تحتاجه من الدراسات العلمية المواكبة - وأن يوفر للسياسة في الوقت ذاته أيضاً ما تحتاجه من توصيات بهذا الخصوص. يشير عمرو سليم في حديثه إلى المؤسسات البحثية التطبيقية التي تزخر بها ألمانيا: "نتمنى أن نتمكن من الاقتداء بتلك المؤسسات البحثية الرائدة." لا يزال الأمر إلى اليوم عبارة عن رؤية لمستقبل أفضل. غير أن إرادة إحداث التغييرات السريعة من شأنها أن تتعزز أكثر وأكثر في سياق مؤتمر المناخ الدولي في مصر، ليس فقط على المستوى العالمي، وإنما أيضاً على صعيد مصر نفسها. "نحن مستعدون في جميع الأحوال - ونأمل في المزيد من التعاون مع المؤسسات الألمانية التي تدعمنا في هذا المجال."

© www.deutschland.de