إلى المحتوى الرئيسي

"أريد دفع الناس إلى الضحك"

لقد انتظرته ألمانيا: فراس الشاطر سوري ولاجئ ،هيبستر وممثل – وهو يتقبل أزمة اللاجئين بالمرح والضحك. ولقد نالت مقاطعه على يوتيوب ملايين الإعجابات.

05.10.2016

كل شيء بدأ بفيلم فيديو لمدة ثلاث دقائق. فراس الشاطر ،لحيته كثيفة، وبطن قوي، العينان معصوبتان، يقف فيه في ساحة الكسندر بلاتس في وسط برلين وإلى جانبه لوحة كتب عليها: "أنا لاجئ سوري. أنا أثق بك – فهل تثق أنت بي؟ عانقني!". بعد ذلك بوقت قصير اختارت مجلة تايم فراس الشاطر ليكون "قائد الجيل التالي"، مسلسل الشاطر ذوكار في شبكة الإنترنت والذي تطور عن الكليب clip دخل في أول سبتمبر/أيلول 2016 في المرحلة الثانية، وفي خريف 2016 ستصدر عن دار النشر "أولشتاين فرلاغ" سيرة ذاتية للشاطر بعنوان "أنا مقبل على ألمانيا".

وكأن ألمانيا لم تكن تنتظر إلا هذا: سوري يتقبل أزمة اللاجئين بالمرح والضحك ويوضح العرب للألمان والألمان للعرب. مليونان ونصف مليون مرة تمت مشاهدة هذه التجربة الصغيرة للسوري البالغ 26 سنة من العمر في الفيسبوك وفي يوتيوب. والتعليقات عليها كانت في معظمها إيجابية، لا بل إن بعضها جاء فيه مثلاً: "أنا عندي في الحقيقة شيء ضد اللاجئين ولكنك أنت لطيف حقاً!".

فمن هو هذا الرجل الذي تمكن من قلب العبارة الشائعة: "أنا ما عندي أي شيء ضد الأجانب، ولكن..." إلى نقيضها؟ بمنظره الحاد وحمالة بنطاله يبدو فراس الشاطر مثل Hipster برليني. لكن هيئته المضحكة مضافاً إليها لحيته السوداء واللكنة العربية الحادة هي خليط لا يناسبه أي وعاء.

كان الشاطر لما بدأ الربيع العربي يدرس في دمشق فن التمثيل. ولأنه تظاهر ضد نظام بشار الأسد طرد من الجامعة. فاشترى لنفسه آلة تصوير. إذ كان الشاطر يريد أن يظهر للعالم ما يجري في وطنه. فاعتقلته مخابرات الأسد وعذبته في السجن. وبعد تسعة أشهر عثرت عليه عائلته وتمكنت من تحريره لقاء مبلغ من المال. وفي وقت لاحق وقع في قبضة المحاربين الإسلاميين الذين اتهموه بالتصوير لصالح نظام الحكم. وفي سنة 2013 سافر الشاطر إلى ألمانيا من أجل مشروع فيلم وقرر عدم العودة إلى سورية. ثم تقدم بطلب لجوء. وهو يقول اليوم: "لا أريد التفكير في الماضي وإنما أريد دفع الناس إلى الضحك".

وهذا ما نجح فيه مرة بعد أخرى. في أحد أفلام الفيديو يجلس على صوفا ويتكلم بلغة ألمانية جيدة نسبياً وهو ينظر إلى الكاميرا. وهو يضحك على كلمات ألمانية معقدة ويبحث عن جذور عيد الفصح. وفي "دورة ضد الخوف من الاحتكاك" يطلب من الممثلين المتكلمين باللهجة السكسونية أن يلمسوا طفلاً سورياً وبعد ذلك يعانقوه.

يلاقي مرح فراس الشاطر ،في المقام الأول، قبولاً لدى الناس الذين يعانون من مرارة النقاش الدائر حول موضوع اللاجئين – وحسب رأي الشاطر يفعل هذا معظم الألمان. وهم علاوة على ذلك متحفظون لا يتقبلون الغرباء بسرعة، حسب قوله. عند قيامه بتجربته في ساحة الكسندربلاتس ظل فترة طويلة من الزمن واقفاً وحده هناك: في نهاية فيلم الفيديو يعانق المارّة اللاجئ السوري بأذرع مفتوحة كالمجانين. ويعلق الشاطر على ذلك بالقول: "عندما يفعل الألمان شيئاً يفعلونه بشكل صحيح". ولذلك يؤمن بأن اندماج اللاجئين في المجتمع الألماني سينجح أيضاً. وبالنسبة له نفسه فقد نجح فعلاً: فقد رفض عروضاً من الخارج، من هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي مثلاً، وهو يدرس بدلاً من ذلك التمثيل السينمائي في بوتسدام. ويريد فراس الشاطر العمل في البلد الذي يعيش فيه – وذلك بعد خسارته وطنه السابق وبعد أن أصبحت ألمانيا وطنه الجديد.

www.facebook.com/zukar4u