إلى المحتوى الرئيسي

ألمانيا تحتفل

يصادف العام 2009 مرور ذكرى مناسبتين مهمتين في ألمانيا: قبل 60 عاما تم تأسيس جمهورية ألمانيا الاتحادية من خلال إعلان الدستور. وقبل عشرين عاما انهار في برلين الجدار الفاصل بين غرب المدينة وشرقها. ستة عقود من التاريخ الألماني في لمحة موجزة

14.08.2012
Konrad Adenauer
© picture-alliance/dpa

الخمسينيات

المعجزة الاقتصادية

الاندماج في الغرب

بطولة كأس العالم

انطلاقة جديدة بعد النهاية: في أيار/مايو 1945 استسلمت ألمانيا النازية. اثنا عشر عاما من الحكم النازي الديكتاتوري أدت إلى سقوط أوروبا نحو الحضيض، وجلبت جنون العنصرية وأبشع الجرائم، كما أدت إلى الحرب العالمية الثانية ذات التكاليف الباهظة والتي ذهب ضحيتها حوالي 60 مليون إنسان، قضوا ما بين الحروب ومعسكرات الاعتقال. وقد اقتسم الحلفاء المنتصرون ألمانيا إلى أربعة مناطق نفوذ. وقد دعمت القوى الغربية قيام ديمقراطية برلمانية في الغرب، بينما قاد الاتحاد السوفييتي شرق البلاد نحو الطريق الاشتراكية. وهكذا انطلقت الحرب الباردة. في 23 أيار/مايو من العام 1949 تم الإعلان عن دستور (القانون الأساسي) جمهورية ألمانيا الاتحادية. وفي 14 آب/أغسطس جرت أول انتخابات ديمقراطية أفضت عن وصول كونراد آدناور (حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي CDU) إلى منصب المستشار الألماني الاتحادي. أما في "المنطقة الشرقية" فقد تم في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 1949 الإعلان عن قيام جمهورية ألمانيا الديمقراطية DDR. وبهذا فقد تم فعليا تقسيم ألمانيا إلى شرق وغرب.

ارتبطت الجمهورية الاتحادية الفتية بالديمقراطيات الغربية بشكل وثيق: ففي العام 1951 كانت من الدول المؤسسة لاتحاد مونتان، وفي 1957 كانت إحدى الدول الست التي وقعت معاهدة تأسيس المجموعة الاقتصادية الأوروبية في روما. وكانت جمهورية ألمانيا الاتحادية قد انضمت إلى الحلف الدفاعي العسكري الغربي "ناتو" في العام 1955. وقد تكرس الاستقرار السياسي والاجتماعي وتطور بسرعة كبيرة: فقد ساهم مبدأ اقتصاد السوق الاجتماعي إلى جانب الإصلاح النقدي الذي تم في العام 1948 وخطة مارشال الأمريكية في تحقيق الازدهار الاقتصادي الكبير، الذي سرعان ما بدأ يوصف بأنه "المعجزة الاقتصادية". في ذات الوقت أعلنت الجمهورية الاتحادية عن تحملها كامل مسؤولياتها تجاه ضحايا الهولوكوست: ففي العام 1952 وقع كل من المستشار الاتحادي آدناور ووزير الخارجية الإسرائيلي شاريت اتفاقية التعويض عن أضرار النازية. إنجازات كبيرة أخرى تجلت في الفوز ببطولة العالم بكرة القدم في العام 1954، وفي عودة آخر الأسرى الألمان من الاتحاد السوفييتي في عام 1956.

الستينيات

بناء الجدار

الحركة الطلابية

الليبرالية الجديدة

الحرب الباردة تقترب من ذروتها: يزداد عدد الفارين من ألمانيا الشرقية (الديمقراطية) نحو الغرب. لهذا السبب يتم اتخاذ القرار بإحكام السيطرة على "المناطق الحدودية" مع الغرب، وفي 13 آب/أغسطس 1961 تقوم حكومة ألمانيا الشرقية بإغلاق المعبر الحدودي الذي مايزال مفتوحا مع غرب برلين. حيث قامت ببناء جدار يقسم المدينة، ويشكل الحدود مع ألمانيا الاتحادية، وسرعان ما تحول هذا الجدار إلى شريط للموت: خلال 28 سنة التالية فقد الكثيرون حياتهم خلال محاولاتهم الهرب عبر هذا الجدار. وقد أكد الرئيس الأمريكي كينيدي الضمانة الأمريكية لحرية وسيادة برلين الغربية خلال خطبته الشهيرة في برلين في العام 1963. ذلك العام الذي كان عام الأحداث المهمة: ففي كانون الثاني/يناير تم التوقيع على معاهدة الإليزيه التي كانت بمثابة معاهدة الصلح والصداقة الألمانية الفرنسية. وفي أيار/مايو انطلقت في فرانكفورت "محاكم أوشفيتس" التي وضع الألمان من خلالها أمام ماضيهم النازي لمعالجته ومواجهته وتحمل تبعاته. وفي خريف ذلك العام تولى وزير الاقتصاد لودفيغ إرهارد (حزب CDU) "أبو المعجزة الاقتصادية" منصب المستشار الألماني الاتحادي، بعد استقالة آدناور.

بعد ثلاث سنوات تقوم في الجمهورية الاتحادية لأول مرة حكومة ائتلاف كبير من الحزبين الرئيسيين في البلاد الديمقراطي الاجتماعي (SPD) والاتحاد الديمقراطي المسيحي (CDU/CSU)، تحت قيادة المستشار غيورغ كيسينجر(CDU)، ونائبه وزير الخارجية فيلي برانت (SPD). وقد عاش الاقتصاد الألماني حتى منتصف الستينيات مرحلة ازدهار كبير، الأمر الذي تطلب استحضار مليوني عامل إضافي من جنوب أوروبا. وقد بقي الكثير من "العاملين الزوار" في ألمانيا وأحضروا عائلاتهم فيما بعد.

النصف الثاني من هذا العقد غلبت عليه صورة الحركات الاحتجاجية للطلبة والمثقفين، التي قامت ضد "البنى السطحية" ومفاهيم القيم البالية المتحجرة. وقد غيرت هذه الحركات الثقافة السياسية والاجتماعية في غرب ألمانيا بشكل جذري: الحركة النسائية، الأشكال الجديدة للحياة، التربية الحرة الليبرالية، الحرية الجنسية، الشعر الطويل، الحوارات والمظاهرات والثورات والليبرالية الجديدة: ديمقراطية ألمانيا الاتحادية تخضع للكثير من الاختبارات العصيبة. التغيرات الاجتماعية التي نتجت عن هذه الفترة امتدت آثارها حتى اليوم. في تشرين الأول/أكتوبر 1969 وصل للمرة الأولى سياسي من الحزب الديمقراطي الاجتماعي (SPD) إلى منصب المستشار الاتحادي: فيلي برانت قاد حكومة اجتماعية قامت بالعديد من الإصلاحات الداخلية الهامة التي تراوحت بين توسيع وتدعيم نظام الضمان الاجتماعي إلى تطوير النظام التعليمي.

السبعينيات

سياسة الرخاء

الأزمة الاقتصادية

إرهاب الجيش الأحمر RAF

ركع فيلي برانت أمام النصب التذكاري لضحايا النازية في معتقلات وارصو. إنه السابع من كانون الأول/ديسمبر 1970. وسرعان ما انتشرت الصورة عبر العالم. وغدا هذا المشهد بعد 25 عاما على نهاية الحرب العالمية الثانية شعارا لطلب ألمانيا الصفح والمصالحة. في ذات اليوم يوقع فيلي برانت المعاهدة الألمانية البولونية. وباعتبارها جزءا من المعاهدات مع الشرق، فقد وضعت هذه المعاهدة أسسا متينة لبناء السلم الجديد. من خلال الانفتاح على شرق أوروبا أراد برانت إتمام رسالة آدناور الذي نجح في توثيق العلاقات مع الغرب: "التحول من خلال التقارب". في آذار/مارس 1970 انعقد أول لقاء قمة بين ألمانيا الشرقية والغربية في مدينة إرفورت، ضم فيلي برانت ورئيس مجلس الرئاسة في ألمانيا الديمقراطية فيلي شتوف. وفي عام 1971 حصل فيلي برانت على جائزة نوبل للسلام تكريما له واعترافا بجهوده السياسية للمصالحة والتوفيق بين شرق أوروبا وغربها. وفي ذات العام أيضا اعترف الاتحاد السوفييتي رسميا بانتماء غرب برلين إلى النظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي لجمهورية ألمانيا الاتحادية، وذلك من خلال معاهدة القوى الأربع المنتصرة في الحرب. وقد اعتبرت المعاهدة سارية المفعول في العام 1972، إلى جانب المعاهدات مع الشرق التي تم التوقيع عليها، الأمر الذي أدى إلى تهدئة الأوضاع في مدينة برلين. في العام 1973 تتفق جمهوريتا ألمانيا الاتحادية وألمانيا الديمقراطية على أسس معاهدة بأن تقيما "علاقات حسن جوار عادية" فيما بينهما، وفي ذات العام أيضا غدت كل من ألمانيا الاتحادية وألمانيا الديمقراطية عضوين في الأمم المتحدة. وقد استقال المستشار فيلي برانت من منصبه في العام 1974 بعد اكتشاف جاسوس يعمل لحساب ألمانيا الديمقراطية، كان ناشطا على مسافة ليست بعيدة عن المقربين المحيطين بالمستشار. وجاء خليفته هيلموت شميت (من حزب SPD). أما على الصعيد الاقتصادي فقد كان الحدث الأبرز الذي واجهته البلاد هو أزمة النفط التي انطلقت في العام 1973.

شكلت السبعينيات عقدا من السلام الخارجي، إلا أنها كانت حافلة بالاضطرابات السياسية الداخلية: فقد برزت منظمة ألوية الجيش الأحمر RAF بقيادة أندرياس بادر وغودرون إنسلين وأولريكة ماينهوف، وقد هزت هذه المنظمة أركان البلاد الاقتصادية والاجتماعية من خلال سلسلة من الهجمات والاختطافات. وبعد أن بلغ الإرهاب ذروته في العام 1977، وصل إلى نهايته بانتحار قادة الإرهاب في السجن.