إلى المحتوى الرئيسي

دعم جيران سورية

تسهيل التجارة، الاستثمار في التعليم – حول مجالات دعم دول مثل لبنان، ومساعدة اللاجئين السوريين هناك، يدور "حوار الدبلوماسيين".

22.11.2016
© Auswärtiges Amt

مازال في الثامنة من العمر، وهو يشعر بأنه غير مرحب به. "إنهم يسلبوننا فرص العمل"، أو "لا يأتي منهم سوى المشاكل": إنها عبارات يسمعها المرء، ويتوقع المقصود منها. أحمد هو واحد من بين أكثر من مليون لاجئ سوري في لبنان. وقد بات اليوم ربع سكان لبنان تقريبا هاربا من الحرب الأهلية في سورية. هذا البلد الصغير، الذي يعاني اقتصاديا وسياسيا منذ سنوات، يواجه اليوم أعباء إضافية كبيرة بسبب موجات اللجوء.

 

هذا ما ينقله اللبناني شربل دادا ضمن إطار "السياسة الخارجية مباشرة – دبلوماسيون في حوار" الذي تنظمه وزارة الخارجية الألمانية ومعهد العلاقات الخارجية (ifa) في مدينة دارمشتات. أكثر من نصف الأطفال السوريين في لبنان لا يذهبون في الصباح إلى المدارس، وإنما إلى الشوارع، لبيع المحارم الورقية وغيرها. ابن الثمان سنوات، أحمد يستطيع على الأقل الذهاب مرتين في الأسبوع إلى الدروس التي تنظمها مؤسسة دادا "عِلمَك بِعَلّم" في مركز اللاجئين في مدينة بعلبك. "أريد أن أصبح مهندسا"، يقول أحمد، "لكي أتمكن في المستقبل من بناء البيوت في سورية". ولكن إذا لم ير أي فرصة أو أمل، فإن الخطر كبير في أن يفعل الفتى فيما بعد، ما فعله الكثير من الشباب السوريين قبله، وهو الهروب إلى أوروبا.

 

"لا شيء أفضل من الحل السياسي"

 

وكي لا ينطلق مزيد من اللاجئين في الرحلة المحفوفة بالمخاطر نحو أوروبا، تريد الحكومة الألمانية الاتحادية محاربة أسباب اللجوء. وحول الطرق الممكنة في هذا السبيل يتحاور المفوض الخاص للحكومة الألمانية الاتحادية من أجل شراكة الاستقرار في الشرق الأوسط، يوآخيم روكر، مع كاتارينا لومب من المفوضية العليا للاجئين في الأمم المتحدة (UNHCR) والمتخصص في العلوم السياسية شتيفان شتيتر من جامعة الجيش الألماني في ميونيخ.

 

"ما كان في 1631 في ماغدبورغ، هو اليوم في حلب"، حسب الصحفي في جريدة ألغماينة تسايتونغ (F.A.Z.) والعارف بالشأن السوري، راينر هيرمان، الذي يدير الحوار. لا تبدو في الأفق أية نهاية للحرب الأهلية السورية، - تماما مثل حرب الثلاثين عام – وبالتالي لا تبدو هناك نهاية لأزمة اللاجئين. ولكن ما الذي يمكن لأوروبا وألمانيا أن تفعله من أجل دعم لبنان ودول الجوار السوري الأخرى، التي تعاني من وطأة اللجوء؟

 

يطالب يوآخيم روكر على سبيل المثال بتسهيلات تجارية من قبل الاتحاد الأوروبي، وهذا ما تقدر عليه مناطق اقتصادية محددة مثلا، من خلال تشجيع المستثمرين. الهدف الرئيسي يجب أن يكون تعليم وتشغيل اللاجئين السوريين في الأردن ولبنان وتركيا. "كانت لندن خطوة مهمة في هذه الطريق الطويلة"، حسب مفوض الحكومة الألمانية الاتحادية. هناك وعد المجتمع الدولي في مطلع 2016 بتخصيص مبلغ 12 مليار دولار من أجل الناس في سورية والبلدان المستقبلة للاجئين. ومنذ ذلك الحين أمكن دمج نصف اللاجئين السوريين في مدينة غازي عنتاب التركية تقريبا في سوق العمل. الأردن بدوره ينجح من خلال تطبيق البطاقة النقدية للاجئين، التي يتم بموجبها شهريا تحويل مبلغ من أجل المساعدة في ثمن الغذاء. وفي لبنان أيضا تم منح بعض أذونات العمل. ولكن مازال هناك الكثير مما يتوجب عمله. وفي جميع الأحوال، فإن العودة هي الأساس: "كل ما نفعله من أجل تخفيف معاناة اللاجئين، لا يمكن أن يكون أفضل من إيجاد حل سياسي للأزمة السورية".

 

"تنسيق وترابط المساعدات بشكل أفضل"

 

"كلما طالت فترة إقامة اللاجئين في البلدان المستقبلة لهم، ازداد فقرهم"، حسب لومب، التي عملت طويلا لصالح UNHCR في الأردن. لهذا من الضروري الاستثمار في البلدان المجاورة لسورية. "لا يمكن أن نحصر جهودنا في تقديم المساعدات الإنسانية"، تقول، وتضيف بأن التعاون مع المؤسسات النقدية والمالية الدولية، مثل البنك الدولي في غاية الأهمية.

رغم إجراءات المساعدات تزداد الانتقادات القادمة من البلدان العربية بأن الغرب لا يقوم بما فيه الكفاية. وهذا ما يسمعه المتخصص في العلوم السياسية شتيفان شتيتر باستمرار خلال رحلاته في الشرق الأوسط. وهو يعتبر أن المهم أيضا هو تنسيق وترابط المساعدات بشكل أفضل.

 

شربل دادا، الذي يزور ألمانيا بمنحة من معهد ifa يعرب عن سعادته في أن تفكر ألمانيا بكيفية وإمكانية مساعدة لبنان. "هؤلاء الأطفال بحاجة ماسة إلينا". ومن أجل الحيلولة دون نشوء جيل ضائع في لبنان، لابد قبل كل شيء من الاستثمار في التعليم: 1800 دولار هي تكلفة التعليم المدرسي للطفل. أحد زملاء أحمد في الصف يروي لدادا عن تجاربه ومشاهداته في المدرسة وخلال الدروس، وهو لديه أيضا مهنة حلم، يتطلع إلى تعلمها وممارستها: فهو يريد أن يصبح طبيبا، "لكي أتمكن من معالجة الكثير من الجرحى". ربما يكون باستطاعته دراسة الطب ذات يوم. لكنه الآن يتعلم القراءة والكتابة. على الأقل مرتين في الأسبوع.

© www.deutschland.de