إرساء الاستقرار في العراق
الكثير من العراقيين عليهم أن يتعلموا استعادة الثقة في دولتهم بعد تحريرها من قبضة داعش. لذا فإن المنظمة الدولية للهجرة (IOM) تقود بدعم ألماني مشروع "الشرطة المجتمعية" - الشرطة كصديق ومساعد.
نجا خليل الجبوري من ميليشيا "داعش" الإرهابية. إلا أن بناء منزل جديد في مدينة تكريت كان أكثر تعقيداً مما كان متوقعاً. نظراً لأنه كان قد هرب من منطقة يسيطر عليها جهاديو داعش كان يحتاج عشرة توقيعات مختلفة حتى يمكن تصنيفه على أنه شخص مأمون الجانب. يقول الجبوري: "استغرق الأمر أكثر من شهر".
غير أن النازحين والعائدين أصبحوا في هذه الأثناء يحتاجون إلى أربعة توقيعات فقط للحصول على تصريح أمني - وذلك بفضل ما يُسمى بـ"الشرطة المجتمعية"، التي تم تأسيسها بناء على طلب الحكومة العراقية من قبل المنظمة الدولية للهجرة وبمساعدة دول مانحة مثل ألمانيا. ويجمع منتدى الشرطة المجتمعية بين مسؤولي البلديات والجهات الأمنية لمناقشة القضايا العاجلة وإيجاد الحلول. "أقاربي يشعرون الآن بأن لديهم الشجاعة للمجيء"، بحسب الجبوري. وأضاف "أتمنى أن يكون هناك رجال شرطة مثل هؤلاء في جميع أنحاء العراق"
يفترض من فكرة الشرطة المجتمعية أن تساعد على إعادة الثقة للناس في الدولة العراقية وهذا في المناطق المحررة من قبضة داعش. ويتوقع من العراقيين أن يمروا بتجربة ملموسة وهي أن الشرطة في خدمة الشعب، وأنها تقف إلى جانبهم كصديق ومساعد وتستطيع نزع الخوف من النزاعات من قلوب العائدين.
الشرطة المجتمعية هي جزء من مجموعة كاملة من 58 مشروعاً في العراق، تقوم وزارة الخارجية الألمانية بتنسيقها وتمويلها. خصصت الوزارة مبلغ 290 مليون يورو للعراق في عام 2017 وحده. إن استقرار الحالة في العراق ومساعدة السكان المحليين ليسا فقط واجب تُمليه الإنسانية والمسؤولية العالمية عن السلام، وإنما يهدف في الوقت نفسه إلى مساعدة الشعب العراقي والنازحين بشكل خاص على البقاء في مواطنهم.
معظم العراقيين يريدون العودة إلى وطنهم حتى وإن كان هذا في أشد الظروف سوءاً، بحسب بلاسيدو سيليبيجني، مدير مشروع لدى المنظمة الدولية للهجرة التي تنفذ مشروع الشرطة المجتمعية في العراق بتمويل ألماني. أكد سيليبيجني على أن الركيزة التي تمثّل قلقاً للناس هي الأمن، إذ أنه بدون درجة معينة من الأمن لا يمكن أن تحدث تنمية اقتصادية وبالتالي يفقد الناس الأمل ويطلبون بدائل. وهذا يخلق موجات من الفرار والهجرة لفئات سكانية لا تريد الهجرة فعلياً. ولذلك فإن وجود قوة شرطية فعّالة هو مفتاح زيادة الثقة والآفاق الأفضل للبقاء. "إن زيّ الشرطي يمثل الدولة، كما لو كان يعبر عن نفسه قائلاً: نحن هنا لحمايتكم ولضمان الحرية لكل فرد"، ولكن هذا لا يحدث إلا "إذا كان الناس يثقون في الشرطي ويحترمونه".
يقوم سيليبيجني وزملاؤه باختيار رجال الشرطة الذين سيصبحون ضباطاً في الشرطة المجتمعية بعناية. يحتاج المسؤولون إلى الخبرة والتدريب لإدارة المنتدى الذي يناقش قضايا المجتمع. وهم بحاجة أيضا إلى استشعار مواضع القلق ونزع فتيله قبل أن يصير صراعاً محتملاً. وكثيراً ما يكون من الضروري تيسير التعامل مع النازحين أو العائدين والعمل على تخفيف انعدام الثقة بين الجانبين.
غير أنه قد يتعلق الأمر بدور الشرطة المجتمعية في تنظيم مسار المدرسة الآمن للأطفال في خضم موجة من الهجمات من قِبل إرهابيي داعش - أو منع المراهقين في بعض الأسر التي تعيش في محنة من الانزلاق إلى الجريمة. ويتم بالإضافة إلى ذلك مناقشة مشكلات لم تكن لِتُنَاقش علناً إلا في إطار هذه المنتديات: مثل العنف المنزلي ومن يقوم بالمساعدة في مثل هذه الحالات. "إن وجود الشرطة للضعفاء والمستضعفين في المجتمع هو رسالة مهمة للغاية"، بحسب سيليبيجني. ويُنظر إلى منتديات الشرطة المجتمعية الآن كسُلطة محايدة. وأضاف سيليبيجني قائلا: "هذا وحده يُعتبر بالنسبة لي خطوة كبيرة إلى الأمام".
لمحة عامة عن المساعدات الألمانية في العراق
قامت وزارة الخارجية الألمانية بدعم العراقيين في عام 2017 بمبلغ إجمالي يبلغ 290 مليون يورو. أما إجمالي الدعم في الأعوام الثلاثة السابقة فقد بلغ 502 مليون يورو. يتم في الوقت الحالي تمويل 22 مشروعا لإرساء الاستقرار في البلد بالإضافة إلى 30 مشروعا للمساعدات الإنسانية. ومن بين أنشطة هذه المشروعات يتم نزع الألغام التي خلفتها داعش. تعد ألمانيا حاليا ثاني أكبر مانح للمساعدات الإنسانية في العراق وهذا بعد الولايات المتحدة الأمريكية. وقد قدمت وزارة الخارجية الألمانية منذ عام 2014 مبلغا إجماليا يبلغ 415 مليون دولار للمساعدات الإنسانية في العراق، منها 200 مليون وحدها في عام 2017. ويوجه ثلثي الأموال تقريبا إلى المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة (مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، برنامج الأغذية العالمي، منظمة الصحة العالمية) والثلث إلى المنظمات الألمانية مثل الصليب الأحمر الألماني أو منظمة Welthungerhilfe لمساعدات الغذاء الألمانية. إن أهم شركاء ألمانيا في العراق في عام 2017 هم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وبرنامج الأغذية العالمي ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية.
أمثلة للمعلومات الإضافية:
برنامج الأغذية العالمي في الموصل