إلى المحتوى الرئيسي

لايبزيغ، شيء مختلف

مدينة الموسيقى والتجارة والثقافة: تحتفل لايبزيغ في 2015 بذكرى مرور 1000 عام على أول ذكر لها في التاريخ

18.03.2015
© TommL/Getty Images - Leipzig

لايبزيغ، شيء مختلف. مختلفة عن برلين وعن درسدن على سبيل المثال، وهما اللتان تشكل معهما المدينة الجامعية والتجارية مثلثا جغرافيا، وتعيش معهما علاقة متوترة. لايبزيغ هي المدينة الأكبر في ولاية زاكسن، ويتجاوز عدد سكانها البالغ 550000 عدد سكان عاصمة الولاية، درسدن، وهو ما يفاخر به أبناء لايبزيغ. لايبزيغ تنمو، بمقدار حوالي 10000 إنسان سنويا، ويتطلع القائمون على المدينة بِشَوق إلى عتبة 600000 نسمة.

 

لايبزيغ قديمة. ففي عام 2015 تحتفل المدينة بمرور 1000 عام على أول ذكر لها في الوثائق التاريخية. لايبزيغ فَتِيّة. هذا ما يشهد عليه مركز المدينة حيث يصادف المرء الكثيرين من الشباب على الدراجات أو سيرا على الأقدام. يعود هذا إلى الجامعة، التي تتوزع معاهدها وأبنيتها في قلب المدينة، وتختفي غالبا خلف واجهات أبنية من عهد التأسيس. مطعم الجامعة "مينزا" يقع على مقربة من الساحة المركزية ساحة أوغوستوس.

 

في لايبزيغ تتقاطع طرقات التجارة الضاربة في القدم. منذ الأزل تعتبر لايبزيغ مدينة تجارية. باحات المعرض والتبادل التجاري في مركز المدينة تشهد على هذا. منذ مدة طويلة انتقل المعرض إلى صالات حديثة عند أطراف المدينة. حيث يتابع التقليد التاريخي، بعد أن تحول إلى واحد من أكبر مواقع المعارض في التاريخ الألماني. صالات المعرض تجاور صالات أخرى حديثة، ولكنها صالات إنتاج. BMW وبورشة قامتا هنا بتأسيس مصانع لقطع الغيار. لايبزيغ باتت أيضا مدينة سيارات.

 

كل هذا ليس بعد مدينة لايبزيغ. الخليط يستمر مع روح لايبزيغ المتميزة. بالنسبة لأبناء لايبزيغ، لا يوجد أدنى شك في أن الثورة السلمية التي قادت إلى عودة الوحدة الألمانية، انطلقت من لايبزيغ، وفقط لايبزيغ. التاسع من تشرين الأول/أكتوبر 1989، الذي انطلق فيه 70000 متظاهر في شوارع لايبزيغ، وقاد إلى التحول الكبير، هو يوم ذكرى من نوع خاص لأبناء المدينة. المشهد السياسي في لايبزيغ أكثر اضطرابا منه في مناطق زاكسن الأخرى. عدة مرات في العام تبرز المجموعات اليسارية المستقلة، مثيرة الاضطراب بغية لفت الأنظار. كذلك اليمين المتطرف يصوغ هنا شعاراته. ولكن هذا أيضا، ليس مدينة لايبزيغ الحقيقية، كما تبين في مطلع العام 2015. عندما انطلقت مجموعة من المتذمرين، دعاة التحذير من "أسلمة بلاد الغرب" كان عدد المتظاهرين في المقلب الآخر أكبر بكثير.

 

ولكن من يفكر بمدينة لايزبيغ، فإن السياسة هي أول ما يخطر بباله. لايبزيغ هي مدينة للحياة والعمل. والحياة في جزء منها، هي الموسيقى. ريشارد فاغنر وهامس آيسلر ولدا هنا. سيباستيان باخ عاش وعمل طويلا في لايبزيغ، وكذلك فعل فيليكس ميندلسزون بارتولدي، إدوارد غريغ، غوستاف مالر، كلارا وروبرت شومان. جميعهم تركوا بصماتهم وآثارهم هنا واضحة. على مدى 27 عاما قاد سيباستيان باخ هنا أوركسترا "تومانكور"، التي تعتبر من خلال تاريخها الذي يعود إلى 800 عام، واحدة من أقدم وأفضل فرق الأوركسترا في العالم. في كل يوم سبت يمكن الاستماع إلى الفتيان في كنسية توماس. أوركسترا غيفاند هاوس لايبزيغ تشارك بدورها على ذات المستوى الذي تنافس فيه أوركسترا فيلهارمونيكا برلين الشهيرة، أو جوقة الدولة في درسدن.

 

ولكن هذا التطور والرقي الثقافي ليس كل شيء. عالم الموسيقى في لايبزيغ كثير التنوع، من الكلاسيك إلى الحداثة، والروك والبوب والشعبي وغيرها. يوجد في المدينة على الأقل 13 فرقة. كل هذا بالإضافة إلى مهرجانات سنوية، مثل لقاء ويف غوتيك الذي يُنَظَم في عيد العنصرة، ويحضره ما يزيد عن 20000 مشاهد. تتميز لايبزيغ أيضا بالعديد من المسارح الحرة. يتوجب على الغريب عن المدينة بداية السؤال عنها طويلا، لكي يجدها. خشبة العرض "شاوبونة" على سبيل المثال، تستوطن في صالة قديمة لكرة السلة، حيث تجمع هناك بين المسرح والمسرح الراقص الحديث والسينما والمقهى. باستمرار هنالك أحداث مثيرة هنا. وفي مغزل القطن القديم، حيث يقيم الفنان الألماني العالمي المعاصر المهم نيو راوخ مرسمه، يقيم فنانون تشكيليون أيضا ورشات عملهم، يتبادلون الاطلاع واستراق النظر إلى أعمال بعضهم البعض.

 

لايبزيغ تتغير. أحياء بكاملها تغير وجهها بشكل جذري، مثل بلاكفيتس، الذي كان مهددا بالانهيار. هنا لعبت ما يسمى "دور الحراسة" (Wächterhäuser) دورا مهما. الأبنية القديمة الواقعة بشكل رئيسي على شارع آينفال، والتي كانت أشبه بالأطلال، قامت جمعية أهلية بتخطيطها لتصبح مبان سكنية وتجارية، وتم بهذا الحفاظ عليها. ليست البيوت هي وحدها التي تتغير، وإنما البيئة المحيطة أيضا: وهكذا نشأت في المكان المقاهي والمتاجر إلى جانب المساكن الاقتصادية.

 

لايبزيغ هي مدينة التسوق بالنسبة للكثير من الناس القادمين من الخارج. قطارات الشوارع تتوقف تحت مركز المدينة تماما، والذي لا يزيد قطره عن 800 مترا. وفي أبنية المعرض القديم التي تم ترميمها وإعادة تأهيلها، تقوم اليوم دكاكين ومتاجر تخصصية صغيرة. وعندما يشعر المرء بالملل من التسوق والتجول، يمكنه على سبيل المثال أن يجد السكينة والهدوء في منتزه كلارا-تسيتكين، أو من خلال جولة بالقارب على أمواج بحيرة كوسبودنر. إنها جزء من "أرض البحيرات" الجديدة، التي تقع في جنوب لايبزيغ. في منجم الفحم البني القديم يقوم اليوم منتجع للروح والجسد، على ضفاف الماء.

 

يمكن الوصول إلى لايبزيغ بالقطار من برلين خلال ساعة واحدة. ومن درسدن تستغرق الرحلة وقتا أطول قليلا. إلا أن لايبزيغ لا تستحق فقط زيارة عابرة. إنها هدف للزيارة بحد ذاته. لايبزيغ شيء مختلف.