إلى المحتوى الرئيسي

من المُمثِّل إلى العمدة

هناك العديد من السمات غير العادية في عمدة دورتموند الجديد، ألكسندر كالوتي، ليس فقط انتماؤه الحزبيّ، بل أيضًا أصوله ومسيرته المهنية. 

Anna Scheld, 03.11.2025
ابتهاج وارتياح: ألكسندر كالوتي (وسط الصورة) بعد انتخابه عمدةً لمدينة دورتموند.
ابتهاج وارتياح: ألكسندر كالوتي (وسط الصورة) بعد انتخابه عمدةً لمدينة دورتموند. © picture alliance/dpa

كانت إشارةً سياسيةً لفتت الأنظارَ خارج حدود المدينة: أصبح ألكسندر كالوتي، في نهاية سبتمبر/أيلول 2025، أولَ عضوٍ من حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي (CDU) يُنتخب عمدةً لمدينة دورتموند، المَعقل التاريخيّ للحزب الديمقراطي الاشتراكي (SPD) منذ 79 عامًا. لكن انتماءه الحزبي ليس السمة غير العادية الوحيدة للعمدة الجديد لمنطقة الرور الكبرى، التي تضم 600.000 نسمة.  

ألكسندر كالوتي ليس مجرد سياسي عادي، وإنما هو ممثل، ومتخصص في الاتصالات، ومواطن منفتح. تبدأ قصة الرجل، الذي يبلغ اليوم 56 عامًا، من مكانٍ بعيدٍ جدًا عن منطقة الرور: فرَّت أمه من جمهورية ألمانيا الديمقراطية، وهاجر أبوه من فلسطين. ووجد كلاهما موطنًا جديدًا في فرايبورغ، حيث التقيا في الجامعة. ثم انتقل الزوجان -في وقتٍ لاحق- إلى لبنان، عندما كانت بيروت ما تزال تُعرف باسم "باريس الشرق الأوسط". ووُلِدَ ألكسندر هناك. لكن عائلته غادرت البلادَ مرةً أخرى بسبب الاضطرابات السياسية. يقول كالوتي اليوم: "الحمد لله أننا غادرنا؛ لأنه في نهاية الستينيات، بدأت التوترات السياسية تتصاعد، ممَّا أدّى سريعًا إلى حربٍ أهلية استمرت 15 عامًا". 

تدريبٌ عائليٌّ على الجدال  

كانت مدرستُه الخطابية مائدةَ الطعام في منزله؛ يتجاذب هو وإخوته الأربعة الكبار أطرافَ النقاش هناك كل مساء، ولكونه الأخ الأصغر، لم يكن كالوتي قادرًا في البداية على مجاراتهم. "كان الأمرُ دائمًا يتعلَّق بمن يملك الحججَ الأقوى. وتدريجيًّا تعلَّمتُ كيف أجمع أفكاري وأصوغها في كلمات".  

انخرط في السياسة ولم يُتم بعد الحاديةَ عشرة من عمره: في عام 1979، غزا السوفييت أفغانستان. تابعت عائلتُه بأكملها الأخبار باهتمامٍ كبير. يقول كالوتي: "كانت والدتي تخبرني دائمًا أنه لا توجد حريات حقيقية في الاتحاد السوفيتي وبلدان الكتلة الشرقية، وأن العيش بُحريَّة وأمان مرتبط ارتباطًا وثيقًا بنظامنا السياسي وبالدعم الذي نحظى به من الولايات المتحدة الأمريكية".  

في الواقع، كان كالوتي يرغب في ممارسة كرة القدم، لكن أمه سجَّلته في الجوقة الموسيقية. كانت تلك المرة الأولى التي تعلَّم فيها المثابرة. يستطرد قائلاً: "لم أكن جيدًا على الإطلاق في السنوات القليلة الأولى، لكنني واصلتُ بضغوطٍ من أمي". وتحقَّق النجاح: تطوَّر صوته، وسرعان ما بدأ في الغناء منفردًا. وهذا هو السبب الوحيد الذي منحه مرونةً عاليةً اليوم، وجعله قادرًا على التعامل مع المخاوف والإحباطات، ولا يستسلم أبدًا، على حد قوله.  

وساعدته هذه المرونة أيضًا في التعامل مع الأحكام المُسبَّقة حيال أصوله. يقول كالوتي: "لقد مررتُ بتجارب شخصية مع العنصرية. لكن في الواقع، كنت أتمنَّى ألا يكون لخلفيتي المهاجرة أيُّ دور". 

تحوُّلٌ مثيرٌ في المنصات 

التحق -بعد حصوله على شهادة الثانوية العامة- بمدرسة التمثيل في شتوتغارت، وعمل ممثلاً، ثم مستشارًا سياسيًا في وزارة الاقتصاد البافارية وفي البرلمان الألماني بوندستاغ، وعاش في مدنٍ مختلفة، من بينها لندن وميونيخ وبرلين. وترأَّس كالوتي قسمَ العلاقات العامة في مسرح دورتموند منذ عام 2014.  

وأصبحت منصته الكبيرةُ الجديدةُ الآن مدينةَ دورتموند. وبوصفه عمدة المدينة، فإن شُغله الشاغل هناك -وبشكلٍ خاص- تعزيز الأمن والنظافة والنظام. يقول كالوتي: "لدينا مشكلةٌ ضخمةٌ هنا، ولا يمكن أن تستمر على هذا النحو، وهي أن الكثيرَ من الأشخاص باتوا يتجنّبون وسطَ المدينة ووسائل النقل العام". هو نفسه يستخدمها يوميًا، أولاً لأنه لا يملك سيارة، وثانيًا لأنه يتواصل مع الناس هناك. تكون ردة الفعل الأولى غالبًا هي: "حقًا؟ أنت تركب الحافلة؟!" — يبدو أن هذه سمة غير عادية أخرى لدى العمدة المُنتخَب حديثًا.