إلى المحتوى الرئيسي

500 عام من الإصلاح، والنظرة من الخارج

ضيوف من شتى أنحاء العالم يزورون فارتبورغ بالقرب من آيزناخ ويتساءلون عن تأثير لوثر على المجتمع الألماني. 

12.07.2017
© dpa - Wartburg, Eisenach

طريق لوثر تقود من فارتبورغ عبر الغابة التي خلفها وصولا إلى آيزناخ.  في يوم صيفي من شهر حزيران/يونيو، يقوم فيه 15 ضيفا على برنامج زوار لجمهورية ألمانيا الاتحادية حضروا من مختلف أنحاء العالم، بالسير على خطا لوثر، يرتفع بخار الماء من الأرض التي بللها المطر في حر الصيف. تنتشر رائحة الطحالب وخشب الأغصان، بينما تقطر حبات المطر من أوراق الأشجار. "موقع رائع، للانفراد بالذات والتأمل"، يقول أبراهام مينغيشا ميتكو من إثيوبيا. رئيس المجمع المركزي في الكنيسة الإنجيلية الإثيوبية ميكانة يسوس هو أحد الزوار الذين يستكشفون الموقع الذي عكف فيه لوثر اعتبارا من أيار/مايو 1521 ولمدة عام كامل في حجرة صغيرة على ترجمة الإنجيل.

Luther Path

"من الرائع زيارة لوثر في فارتبورغ، في موقعه التاريخي"، تقول ماريانة ويلسون. وهي تقوم بتنسيق برنامج احتفالية ذكرى الإصلاح والتنوير للأرشيف الوطني في بريطانيا. السير في هذه الطرقات، التي شهدت كل تلك الأحداث، تأمّل المكان الذي أقام فيه الإصلاحي الكبير: هذا ما يستمتع به كافة أعضاء المجموعة، ولكن الأمر لا يخلو من بعض النقد.

 "عرض متوازن وصادق"

 أغنيس بانغياشكي تهتم خلال وجودها في فارتبورغ بالتحديد للمعرض الدولي الخاص "لوثر والألمان". "ما هي المعارف والعلوم التي يتم تبنيها هنا، وما الذي يتم إهماله؟ ماذا يهم الألمان من تاريخهم، وكيف يتم استرجاع ذلك؟". القسيسة الهنغارية التي تُدَرّس في الجامعة اللوثرية اللاهوتية في بودابست تريد الإجابة على هذه التساؤلات. وهي تصف العرض فيما بعد بأنه "عرض متوازن وصادق". "أفتقد أيضا حكاية الكنيسة البروتستانتية خلال الفترة النازية"، تقول أيضا، ولا تخفي تأثرها بالملخص البسيط الواضح للمعرض. "كان لوثر راهبا اعتَقَدَ بشيء ما، وهو الأمر الذي قاده إلى الكثير من النتائج".

 هذه النتائج تشغل أيضا الفيلسوف والمتخصص في العلوم الدينية جيجون يو من جامعة فودان في شنغهاي. قام يو بترجمة أخلاقيات ماكس فيبر البروتستانتية إلى اللغة الصينية، وهو يبحث في الدين والجماهير. "أشاهد هنا، بعيدا عن احتفالية ذكرى الحركة الإصلاحية، مدى إدراك الألمان لعلاقتهم المتأرجحة مع الدين". لهذا السبب تنال محطات برنامج الاحتفالية المتعلقة بالحوار بين الأديان الحيز الأكبر من إعجابه.

 ترجمة الإنجيل إلى اللغات الإثيوبية

 بيتر ماركو توليو مارتينيز سالازار لا يتعجب من سعادة الألمان بهذا الحوار. بالنسبة له يتعلق الأمر بالتحولات الاجتماعية العميقة التي نجمت عن الحركة الإصلاحية. رئيس جامعة رافائيل لانديفار التي أسسها اليسوعيون في عام 1961 في غواتيمالا يرى أن لوثر قد أسس لحوار حول المعتقدات، بعد أن كانت الكنيسة الكاثوليكية حتى ذلك الحين قد اتبعت مبدأ أشبه بعولمة المعتقد الديني. "مع ترجمته للإنجيل علمنا أن إثارة الأسئلة ممكنة في كل شيء، مع مراعاة الظروف المحلية. هذا المبدأ مازال اليوم صحيح وعصري تماما، ويجعلني أفكر وأتأمل".

 أبراهام مينغيشا ميتكو سار في هذا الصدد أيضا على طريق لوثر. فقد عمل في إثيوبيا على ترجمة الإنجيل إلى اللغات المحلية الأهم في البلاد. وقد تعرض للكثير من الانتقادات والاتهام بمحاولة زرع الفتنة من خلال دعمه للثقافات المتعددة والهويات اللغوية المختلفة في إثيوبيا. "كل هذه الأمور بالنسبة لي هي ضمن إطار اللوثرية: الاتحاد تحت سقف واحد يحتاج إلى مداخل محلية وإقليمية إلى الكتاب المقدس، وذلك لأسباب منهجية تعليمية وتربوية ".

 حوار مع فريدون زايم أوغلو

  في المساء انشغل الضيوف من جديد بشخصية مارتن لوثر وحياته في المنفى، وذلك أيضا مع قراءة للكاتب فريدون زايم أغلو. الكاتب الألماني ألف رواية "إيفانغليو"، الرواية التي تتحدث عن مرحلة لوثر في فارتبورغ. هنا يتجلى إنسان ذو مشاعر وعيوب. بعد القراءة يدور حوار حول التاريخ والخيال والحق والباطل.

Feridun Zaimoglu

ماريانة ويلسون تريد معرفة، بماذا يجيب الكاتب عندما يسأله الناس عن الخيال التاريخي الذي يجدونه بعيدا عن الواقع. زايم أوغلو يجيب أنه يعتقد بإمكانية قراءة أفضل للعالم، عندما يقوم بترجمة الحياة إلى حكاية. المؤرخ والخبير في الأرشيف توماس شينديلاريو من رومانيا يؤيد الكاتب مبتسما. "الأمر الوحيد المؤكد هو فقط المستقبل، لأن الماضي يتغير باستمرار"، يقول شاكرا على القراءة الممتعة. "لقد قدمت لي لوثر بشكل مكثف".

© www.deutschland.de