إلى المحتوى الرئيسي

"بناةُ الجسور" بين اللغات والثقافات

ترى الباحثةُ في علوم اللغة كلاوديا ماريا ريهل فوائدَ كثيرة في تزايد انتشار التعددية اللغوية في المجتمع الألماني.  

كارستن هاوبتمايرCarsten Hauptmeier , 01.02.2024
الباحثةُ في علوم اللغة كلاوديا ماريا ريهل
الباحثةُ في علوم اللغة كلاوديا ماريا ريهل © blende11

تتصدَّى كلاوديا ماريا ريهل، الباحثةُ في علوم اللغة في جامعة لودفيغ ماكسيميليان في ميونيخ، لموضوع التعددية اللغوية بالبحث والدراسة. تتحدَّث عن مدى انتشارها في ألمانيا، وعن التحدَّيات المرتبطة بها، وكيفية تعزيزها. 

أستاذة ريهل، ما مدى انتشار التعددية اللغوية في ألمانيا؟ 

لقد تغيَّر المجتمعُ الألمانيُّ خلال العقود الماضية على نحوٍ ملحوظ في اتجاهين اثنين. تمثَّل الاتجاهُ الأول في ازدياد أعداد الأشخاص الذين يتحدَّثون لغةً أم غير اللغة الألمانية أو الذين نشأوا وترعرعوا مع ازدواجٍ في اللغة. ففي عام 1950 في ميونيخ، على سبيل المثال، كان أربعةٌ في المائة فقط من المواطنين من أصولٍ مهاجرة، أما اليوم فقد وصلت هذه النسبة إلى ما يقرب من 50 في المائة. فضلًا على ذلك، تتنامى أعدادُ الأشخاص بالألمانية كلغةٍ أم ويتحدَّثون كذلك الإنجليزيةَ بمستوى جيد على الأقل. 

ما التحدّيات التي تفرضها هذه التعددية اللغوية على النظام التعليمي؟ 

يتزايد عدمُ التجانس في الفصول المدرسية، ويعني هذا من ناحية أن العديدَ من الأطفال من ذوي الأصول المهاجرة يحتاجون إلى دعمٍ أكبر لتحسين إجادتهم للغة الألمانية؛ ومن ناحيةٍ أخرى، يجب كذلك تعزيزُ التعددية اللغوية لدى جميع التلاميذ. وحتى يتحقَّق ذلك، يتعيَّن علينا تكثيفُ تدريس اللغات الأجنبية وتوسيعُ نطاقها. وهذا يعني أيضًا، ألا تُدرَّس الإنجليزية، لغةُ العالم، وحدها كلغةٍ أجنبية. 

أيُّ فرصٍ توفِّرها التعدديةُ اللغوية؟ 

تمنح التعدديةُ اللغويةُ الفردَ نفسَه قيمةً مضافةً كبيرة، كما أن الأشخاصَ، الذين يتحدّثون عدة لغات، يمكنهم كذلك أن يكونوا بناةَ جسورٍ ووسطاء يعملون لصالح المجتمع. وهذه فائدةٌ لا ينبغي الاستهانةُ بها في عالمٍ تحكمه العولمة؛ إذ أن إجادةَ أيِّ لغةٍ مقترنٌ أيضًا بالمعرفة الثقافية. وأخيرًا وليس آخرًا؛ من الفوائد الاقتصادية التي ستعود على ألمانيا أن يكون لدى الشركات موظفون متعددو اللغات.  

ما مدى أهمية تعليم اللغة الأم في العديد من المدارس في ألمانيا؟ 

هذا الموضوع مهمٌ للغاية، أولًا، سيظل الأطفالُ الناطقون بلغاتٍ عدة منذ نشأتهم، خلافًا لذلك، أحادييّ اللغة فيما يخص اللغةَ المكتوبة، لأنهم لا يتعلَّمون الإمكانيات التعبيرية الكتابية في لغتهم الأم. ويعني ذلك أيضًا إهدارَ الإمكانات الاقتصادية. وتُسفر نتائجُ الدراسات كذلك عن أن التعليمَ باللغة الأم له تبعاتٌ إيجابية على إجادة اللغة الألمانية. 

كيف يمكن تعزيزُ التعددية اللغوية لدى جميع التلاميذ؟ 

يمكن ذلك من خلال ما يُسمَّى بالتدريس الحسَّاس للغة على سبيل المثال؛ إذ تُستخدَم اللغاتُ المختلفة التي يتحدثها التلاميذ في مواد مثل الرياضيات أو الفيزياء أو التاريخ من خلال استخلاص المصطلحات المتخصصة من هذه المواد. وهناك أيضًا برامجُ متعددة اللغات يمكن الاقتداءُ بها. فعلى سبيل المثال، يدرس التلاميذُ في المدارس الأوروبية على مستوى ألمانيا بلغتين حتى إتمام الشهادة المدرسية. ولا يقتصر الأمرُ على إجادة اللغة فحسب، بل يتعلَّق كذلك بفهم الثقافات الأخرى. وتزداد أهميةُ هذا الأمر في مجتمعنا متعدد الثقافات.