نظرة إلى أوروبا، من بولندا
يجب على الاتحاد التحدث إلى مواطنيه بلغة مفهومة جامعة، حسب أدريانا روزفادوفسكا.
سألنا صحفيين من عدة بلدان أوروبية عن مستقبل الاتحاد الأوروبي. تقرأ هنا جواب أدريانا روزفادوفسكا، وهي صحفية تكتب للصحيفة البولندية اليومية غازيتا فيبورتشا.
كثيرا ما قمت كصحفية بزيارة إلى ممثلية المفوضية الأوروبية في بولندا: إبراز بطاقة الهوية الشخصية، البوابة الأولى، مصعد يقوم عناصر الأمن على حمايته وتشغيله، ثم ممر التفتيش الثاني، وأخيرا باب متين ضخم، لا شك أنه مضاد للرصاص. أعتقد أن هذه هي تماما الطريقة التي ترى بها بولندا الاتحاد الأوروبي.
"إنه تجمع وهمي، يجلب لنا القليل"، قال الرئيس أندرجيه دودا. "نحن الاتحاد"، تذكر فجأة بعد سنة. ثم غير رأيه بعد ذلك عدة مرات. في منتصف كانون الثاني/يناير 2020 قال مجددا: "لن يكون بمقدورهم أن يفرضوا علينا بلغات أجنبية شكل الدولة التي نقيمها". بعدها بأسبوعين فقط: "عضويتنا في الاتحاد غير مهددة إطلاقا".
حزب العدالة والقانون الحاكم (PiS) لا يفهم فكرة أوروبا الموحدة على أنها أيديولوجية أو مثالية، وإنما كوسيلة مفيدة تتوافق مع مصالحه السياسية، حتى لو كانت مؤقتة في كثير من الأحيان. وكما العديد من الأحزاب اليمينية في أوروبا يتطلع حزب PiS إلى تقديم الاتحاد الأوروبي للناخبين الساخطين على أنه هو المذنب المتسبب في مشاكلهم. رغم ذلك يبدو أنه لا جدال أو خلاف حول عضوية بولندا في الاتحاد، حيث أن هذه العضوية تحظى بموافقة ما يقرب من 80 في المائة من الشعب البولندي.
فكرة مجردة
ما هو سبب مخاوفي إذا؟ أخشى من تكرار ما حصل في بريطانيا، وهو ما فاجأ حتى المحرضين على مشروع بريكست: لقد دخلوا لعبة مغامرة، وربحوا فيها بالصدفة. حيث أن الأرضية خصبة. وفيما يتعلق بالجواب على السؤال عن تصور البولنديين للاتحاد الأوروبي يمكنني القول: لا يوجد. يعتبر الاتحاد فكرة مُجَرّدة بالنسبة للبولنديين. نحن لسنا مثل الألمان أو الفرنسيين الذين تربوا على الاتحاد. خلال ستة عشر عاما من عضويتهم في الاتحاد الأوروبي لم يتطور لدى البولنديين شعور مجموعة المصالح المشتركة، التي تقوم على التسويات والحلول الوسط.
ماذا يعني الاتحاد بالنسبة للبولنديين إذا؟ من جانب يعني الاتحاد التخلص من مراقبة الجوازات عند الحدود، والحصول على المال من خلال الدعم الذي يقدمه الاتحاد الأوروبي، ومن جانب آخر التصوير التلفزيوني غير المفهوم وغير المبرر لجلسات يشارك فيها بمنتهى الجدية رجال يرتدون البدلات الرسمية وسيدات يرتدين الفساتين وهم يتناقشون حول قواعد معقدة. علاوة على ذلك يشترك المواطنون والسياسيون البولنديون على السواء في التطلع إلى أقل قدر ممكن من تأثير الاتحاد وتدخله في بولندا.
إذا كان الاتحاد الأوروبي يسعى إلى البقاء كواحد من الفاعلين الأساسيين على الساحة الدولية، إلى جانب الولايات المتحدة والصين، فإنه يتوجب عليه تعزيز علاقاته الداخلية والتوجه نحو نوع من الفدرالية. إلا أن هذه الطريق سوف تكون صعبة عندما تكون العودة إلى الدولة القومية هي البديل الوحيد المفهوم لدى المواطنين والذي يقدمه لهم السياسيون. لقد كان خطأ كبيرا جدا في أن الاتحاد قد أحجم عن ردود الفعل، ولم يتخذ أية إجراءات من أجل تحسين صورته، بعد بريكست.
يجب على الاتحاد الأوروبي التقرب إلى مواطني الدول الأعضاء الجدد واستيعابهم، من خلال التحدث إليهم بلغة جديدة مفهومة جامعة. وإلا فإن كلمات الرئيس البولندي أنه بفضل الاتحاد الأوروبي "لم يعد بالإمكان شراء لمبات إنارة عادية، وإنما حصريا لمبات توفير الطاقة، لأن الاتحاد الأوروبي قد منع ذلك"، سوف تبقى بذورا تجد الأرضية الخصبة.
تعمل أدريانا روزفادوفسكا منذ 2015 كصحفية لجريدة غازيتا فيبورتشا، كبرى الصحف اليومية في بولندا. وهي تكتب في الصفحة الاقتصادية عن سوق العمل والأوضاع الاجتماعية وعن السياسة.
You would like to receive regular information about Germany? Subscribe here to