إلى المحتوى الرئيسي

الأديان شركاء في السياسة الخارجية

فاعلون مهمون في المجتمع المدني: تبحث وزارة الخارجية الألمانية عن الحوار مع ممثلي الأديان في شتى أنحاء العالم.

27.09.2017
Dr. Silke Lechner
Dr. Silke Lechner © Anika Büssemeier

السيدة ليشنر، في أيار/مايو 2017 دعت وزارة الخارجية الألمانية لأول مؤتمر تحت عنوان "مسؤولية الأديان من أجل السلام"، الذي حضره ما يزيد عن 100 مشارك من مختلف الاتجاهات الدينية. ما سبب اهتمام السياسة الخارجية الألمانية بالأديان؟
لا تقوم السياسة الخارجية فقط على العلاقات بين البلدان، حيث تلعب اليوم المجتمعات المدنية في البلاد المختلفة أيضا دورا كبيرا، وهذا يتضمن بالتأكيد المجموعات الدينية. كما أن ما يزيد عن 80 في المائة من سكان العالم ينتمون لإحدى الديانات. إنها جماعات ذات تأثير كبير، وغالبا ما تكون ناشطة أيضا على الصعد السياسية والاجتماعية. لهذا السبب تعتبر الجماعات الدينية في الخارج من الفاعلين المهمين.

"تقدم ألمانيا مثالا جيدا على التعاون بين الدولة والمجموعات الدينية"
سيلكة ليشنر, وزارة الخارجية الألمانية

هل هذا تطور جديد؟
لقد كان هناك بعض الجهود سابقا، حيث تم على سبيل المثال دعم مشروعات لفعاليات دينية في الخارج. هذه المحاولات الناجحة كانت الدافع لرغبة السياسة الخارجية الألمانية بالاهتمام في هذا المجال بشكل أكثر استراتيجية وحرفية. في 2016 تم تشكيل فريق العمل "مسؤولية الأديان من أجل السلام" في وزارة الخارجية الألمانية. وهذا لا يغير شيئا في كون ألمانيا دولة علمانية، وفي أن تحافظ الحكومة الألمانية الاتحادية على موقفها المحايد من الأديان وعدم التدخل في الأمور الدينية. ولكن يمكن القول أنّ هناك اليوم قناعة بأنّ الحيادية الدينية لا تعني أن يتجاهل المرء الأديان. يجب أن نكسب الدين على أنه شريك لنا حيث نكون ناشطين في السياسة. المسائل الدينية البحتة ليست من شأننا، ولكن عندما تتحول الجماعات الدينية إلى النشاط السياسي، فإنها تصبح مهمة بالنسبة لنا. في البلاد الأخرى توجد جهود مشابهة، حيث عمدت وزارة الخارجية الأمريكية في عهد الرئيس أوباما مثلا إلى تأسيس مكتب للحوار الديني والشؤون العالمية. ولكن بشكل عام، لا يمكن الحديث عن اتجاه جديد عام في هذا السياق، نقوم نحن بالتعامل معه في وقت مبكر.

ولكن مصطلح "الدين والصراع" متداول أكثر بكثير من مصطلح "الدين والسلام". هل هذا الانطباع خاطئ؟
المصطلحان صحيحان. الدين له دوما وجهتي نظر.  نعرف الكثير من الأحوال التي تتم فيها إساءة استخدام الدين. وعندما يتأمل المرء الأزمات بشكل أفضل وأكثر دقة، فإنه سوف يرى أن الأفكار الدينية ليست في الواجهة في أغلب الأحيان، وإنما هناك الكثير من العوامل المختلفة غير الدينية التي تلعب دورا أهم. نحن نقول: لابد على الأقل من النظر بذات الأهمية إلى الجهود الإيجابية للمجموعات الدينية، التي تنشط في جهود السلام بأوجه مختلفة ومتعددة، كما هي الحال مثلا في التعليم أو في جهود الوساطة. هذه الجهود، الرامية إلى لفت الاهتمام والتركيز على الاعتراف بمسؤولية الأديان عن السلام تفتح الكثير من الأبواب. وهذا ما ظهر أيضا من خلال الاهتمام الكبير بالمؤتمر، الذي شارك فيه جميع المدعوين تقريبا. وحتى خلال المؤتمر نفسه كانت ردود أفعال ممثلي الديانات المختلفة في غاية الإيجابية. فقد رأوا المؤتمر على أنه مبادرة قيمة، وتأكيد على التنوع والتعددية، حيث يمكن لألمانيا بشكل خاص أن تلعب دورا مهما.

لماذا ألمانيا بشكل خاص؟
الكثير من الآمال معقودة ألمانيا. هذا ما يمكن ملاحظته على صعيد السياسة الخارجية بشكل عام، ولكن أيضا في هذا المجال بشكل خاص. كما أن ألمانيا تقدم مثالا من خلال النموذج القائم على التعاون بين الدولة والمجموعات الدينية، وهو تعاون قائم على الكثير من التفاهم والاحترام المتبادل. لهذا السبب يعتقد ممثلو المجموعات الدينية بقدرة ألمانيا على نقل هذا الدور وتعميقه.

ما الذي أعجبك بشكل خاص في الحوارات؟
المناخات الإيجابية. لقد وجهنا الدعوة إلى 100 شخصية من 50 بلدا، وكنا متخوفين من نشوب نزاعات وحوارات ساخنة. ولكن الحاضرين كانوا جميعا منفتحين على بعضهم البعض منذ الاجتماع الأول. وقد تأثرت كثيرا أيضا بوجود هذا التنوع من ممثلي الديانات في وزارة الخارجية الألمانية. لم يسبق أن شهدنا مثل هذا الحدث بهذا التنوع. لم نوجه الدعوة فقط إلى مسيحيين ومسلمين ويهود، وإنما أيضا إلى ممثلين عن ديانات صغيرة أخرى.

كيف ستسير الأمور في المستقبل؟ كيف يمكن للسياسة الخارجية الألمانية دعم المجموعات الدينية في تحمل مسؤولياتها من أجل السلام في الحياة اليومية؟
نحن بصدد تقييم التوصيات والمقترحات التي توصل إليها المؤتمر. لم نضع برنامجا محددا بمواعيد ثابتة، وذلك عن عمد، حيث أننا نريد الاستماع إلى الأفرقاء المشاركين. وقد كانت أمنية الجميع الاستمرار في دعم المشروعات على المستوى الإقليمي والمحلي. وهذا يمكن أن يعني أنه يتوجب علينا خلق فضاءات سياسية يمكن فيها للناس تبادل الأفكار والحوار غير المتاح في الأحوال العادية، وبما يتجاوز حدود البلدان أيضا. كما أعربت فرق العمل أيضا عن الرغبة في تأهيل الفاعلين الدينيين. نأمل خلال عام 2017 في تنظيم أول دورة تدريبية لممثلي الجماعات الدينية ضمن شبكة علاقاتنا. كما أننا نعالج بكل تعمق نتائج وتوصيات فرق العمل المختلفة ونعمل مع البعثات الألمانية في الخارج بشكل مكثف. حيث نقوم معا بتقييم وتحديد ما يمكن القيام به في البلدان المختلفة، وأين يمكن أن تكون جهودنا أكثر قيمة وفعالية. 

طالبت العديد من فرق العمل بمزيد من الدعم والتقوية لدور وعمل المرأة. إلا أن المرأة لا تلعب في العديد من الديانات دورا رئيسيا ...
فقط 15 في المائة من المشاركين في المؤتمر كانوا من النساء. وقد نجم هذا عن رغبتنا في دعوة رجال دين من أصحاب المناصب العليا، وهؤلاء هم في جميع الديانات تقريبا من الرجال. على هذا الصعيد لا يمكننا تغيير أي شيء. لهذا وجدت من الإشارات الجيدة للمؤتمر إثارة مسألة دور المرأة باستمرار في فرق العمل المختلفة. سوف نأخذ هذه المسألة بعين الاعتبار في المستقبل.

هل سيتم الاستمرار في المؤتمر على هذا الشكل؟
كانت النتيجة إيجابية إلى درجة أننا نرغب في الاستمرار بهذه الجهود. ربما ليس في كل سنة، ولكن بالتأكيد كل سنتين، وضمن إطار أكبر. خلال الفترات ما بين المؤتمرات يمكننا العمل والتركيز على المستويات الإقليمية.

أجرت الحوار: جانيت شايان

فاعلون مهمون في المجتمع المدني: تبحث وزارة الخارجية الألمانية عن الحوار مع ممثلي الأديان في شتى أنحاء العالم.

الدكتورة سليكة ليشنر هي نائبة رئيس فريق العمل "مسؤولية الأديان من أجل السلام" في وزارة الخارجية الألمانية. المتخصصة في العلوم السياسية كانت قبل ذلك مديرة الدراسات في تجمع الكنائس الإنجيلية الألمانية.

© www.deutschland.de