إلى المحتوى الرئيسي

التهديدُ الخفيّ

في سوريا، يموت أشخاصٌ يوميًا بسبب المتفجرات المزروعة في الأرض. وتُقدِّم ألمانيا يدَ العون في التخلُّص منها.

كيم بيرغKim Berg, 06.11.2025
تعمل منظمة (هالو تراست) على إزالة الألغام في سوريا.
تعمل منظمة (هالو تراست) على إزالة الألغام في سوريا. © The HALO Trust

بعد ما يقرب من 14 عامًا من الحرب الأهلية، تعاني أجزاءٌ واسعةٌ من سوريا من تهديدٍ خفيّ: الألغامُ الأرضيةُ والمتفجراتُ الميدانية والقنابلُ غير المنفجرة. تُعد البلادُ واحدةً من أكثر الدول تلوُّثًا بالألغام في العالم. تشير التقديراتُ إلى وجود ما بين 100 ألف و300 ألف من المخلفات المتفجرة من الذخائر الحربية مخبأة هناك، في المنازل أو الحقول أو على الطرق. "خلال الحرب، كانت خطوط الجبهة تتغيَّر باستمرار، ما أدَّى إلى انتشار الألغام وغيرها من الأفخاخ المتفجرة على مساحاتٍ شاسعة. يوجد حقل ألغام في شمال غربيّ البلاد، على سبيل المثال، يمتد على مسافة 200 كيلومتر تقريبًا"، كلماتٌ يُصرِّح بها (بول ماكان)، مديرُ الاتصال في هالو تراست (Halo Trust)، وهي منظمة إنسانية متخصصة في إزالة الألغام الأرضية وغيرها من مخلفات الذخائر الحربية المتفجرة. لقد لقي أكثرُ من 500 شخص حتفهم وأُصيب أكثرُ من 800 آخرون بجروح جراء الألغام والأجسام المتفجرة الأخرى في سوريا منذ سقوط الأسد في نهاية عام 2024، بحسب تقارير (هالو تراست). خطرُ الألغام لا يُصعِّب عودةَ النازحين داخليًا فحسب، بل يعيق كذلك المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار والتنمية. تقول هوبيرتا فون رودرن، مديرةُ العلاقات العامة والإعلام في مؤسسة هانديكاب إنترناشونال (Handicap International): "وفقًا لأحدث التقديرات، يواجه 15.4 مليون سوري - أي ثلثا السكان - خطرَ مُخلَّفات الحرب المتفجرة". 

إزالةُ الألغام لأغراضٍ إنسانية في سوريا 

تُعد ألمانيا منذ سنوات واحدةً من أهم المانحين الدوليين في مجال إزالة الألغام لأغراضٍ إنسانية. بين عاميّ 2022 و2024، كانت ألمانيا ثاني أكبر داعم ثنائي بعد الولايات المتحدة الأمريكية. وفي عام 2024 وحده، خصَّصت وزارةُ الخارجية الألمانية 70 مليون يورو لدعم مشاريع إزالة الألغام في جميع أنحاء العالم. وفي سوريا، تتعاون الوزارةُ بشكلٍ وثيق مع المنظمتين الإنسانيتين (هانديكاب إنترناشونال) و(هالو تراست).  

التعاون مع شريك مشروع محليّ 

تنشط منظمة (هانديكاب إنترناشونال) في شمال شرقيّ سوريا. هناك تُزال الألغام، وتُرسَم خرائطُ للمناطق الخطرة، ويُقدَّم الدعمُ للضحايا من خلال الرعاية الطبية والنفسية وإعادة التأهيل وبرامج إعادة الإدماج الاجتماعي. تُوضِّح فون رودرن قائلةً: "تبدأ مثل هذه المهام بلقاء فرقنا مع السكان وإطلاعهم على المخاطر. ثم نهتم في المقام الأول بالمدارس والمستشفيات ومحطات معالجة المياه ونزيل أولاً المتفجرات المرئية هناك". في الوقت نفسه، تتولَّى فرقُ منظمة (هانديكاب إنترناشونال) توعية السكان بالمخاطر من خلال توزيع الكتيبات والنشرات الإعلانية ونشر المعلومات حول الذخائر غير المنفجرة على وسائل التواصل الاجتماعي.  

 

تعمل منظمة (هانديكاب إنترناشونال) أيضًا مع ضحايا حوادث الألغام.
تعمل منظمة (هانديكاب إنترناشونال) أيضًا مع ضحايا حوادث الألغام. © Handicap International

وبالإضافة إلى إزالة الذخائر الحربية، تهتم المنظمة أيضًا بضحايا حوادث الألغام. تضيف رود: "تُقدم فرقُ منظمة (هانديكاب إنترناشونال) العلاجَ الطبيعيَّ للمصابين وتزودهم بكراسٍ متحركة وأجهزة مساعدة على المشي وأطرافٍ اصطناعية. كما يُقدَّم دعمٌ نفسيٌّ واجتماعيٌّ للأشخاص الذين عانوا في الغالب من صدماتٍ شديدة". وقد توسّع نطاقُ هذه المساعدة في هذه الأثناء ليشمل أفراد الأسرة أيضًا. 

Dieses YouTube-Video kann in einem neuen Tab abgespielt werden

YouTube öffnen

محتوى ثالث

نحن نستخدم YouTube، من أجل تضمين محتويات ربماتحتوي على بيانات عن نشاطاتك. يرجى التحقق من المحتويات وقبول الخدمة من أجل عرض هذا المحتوى.

فتح تصريح الموافقة

Piwik is not available or is blocked. Please check your adblocker settings.

تعمل منظمة (هالو تراست) في شمال غربيّ سوريا وجنوبها منذ عام 2016. يقول ماكان، مدير الاتصالات: "تستخدم (هالو) أحدثَ تقنيات القياس والطائرات بدون طيار، وتخطط لتجربة استخدام التعلم الآلي المدعوم بالذكاء الاصطناعي لتسريع عمليات الإزالة على مساحاتٍ واسعة". بالإضافة إلى ذلك، تستخدم المنظمة معداتٍ آلية مثل الجرافات الأمامية – وهي مركبات مزودة بجرافة أمامية لنقل المواد – من أجل إزالة الأنقاض من مساحاتٍ واسعة بسرعة. يسهب ماكان قائلاً: "إن معظم موظفينا البالغ عددهم 250 موظفًا في سوريا ينتمون إلى المجتمعات التي يعملون فيها". الأشخاص يعرفون المنطقة ولديهم اتصالات مع السكان المحليين. وهذا يُسهِّل العمل. بالإضافة إلى إزالة الألغام ورسم الخرائط، تتولَّى المنظمةُ أيضًا توعيةَ السكان بالمخاطر. يضيف ماكان: "ينتقل موظفونا من قرية إلى قرية على طول خطوط الجبهة السابقة. يتولون توعيةَ الناس في المدارس والمراكز المجتمعية والمساجد وحتى في الحقول، حيث يرعى الأطفال الأغنام والماعز". وقد تولت منظمة (هالو تراست) توعية 700 ألف شخص بمخاطر الألغام والذخائر غير المنفجرة.

تتولَّى منظمة (هالو تراست) توعيةَ الأطفال بمخاطر الألغام.
تتولَّى منظمة (هالو تراست) توعيةَ الأطفال بمخاطر الألغام. © The HALO Trust

خطوطُ الجبهة السابقة مزروعةٌ بالألغام بشكلٍ مكثَّف للغاية 

لكن التحدي لا يزال كبيرًا. يتوقع الخبراءُ أن يستغرق التخلُّص الكامل من ذخائر الحروب سنواتٍ عديدة. وتتأثر بشكلٍ خاص خطوطُ الجبهة السابقة التي تمتد لمئات الكيلومترات عبر البلاد. هناك، خلَّفت المعاركُ حواجز أرضية ملغومة وخنادق وتحصينات. واليوم، يستمر العثور على العديد من القنابل غير المنفجرة والقنابل العنقودية والصواريخ في هذه المناطق، غالبًا في المنازل أو الحدائق أو الحقول.