"الحاجة إلى مزيد من المساعدات"
مفوض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنطونيو غوتيرس يتحدث عن أزمة اللاجئين وعن دور ألمانيا.

السيد غوتيرس، منذ حوالي عشر سنوات تشغل حضرتك منصب المفوض الأعلى لشؤون النازحين في الأمم المتحدة. كيف تطورت الأوضاع على المستوى العالمي منذ 2005 عندما تسملت مهام هذا المنصب؟
خلال العقد الفائت ازدادت موجات التهجير والهرب بشكل كبير جدا. عندما تسلمت مهام منصبي كان يوجد في العالم 38 مليون إنسان بين لاجئ أو ضحية تهجير، بسبب العنف والاضطهاد. في نهاية 2013 تشير الإحصائيات العالمية إلى وجود أكثر من 51 مليون إنسان هارب ولاجئ. ارتفع عدد الأزمات، بينما بقيت الأزمات السابقة بدون حلول. الحاجة إلى المساعدات الإنسانية تزداد باستمرار.
هل يوجد حاليا أي سبب يدعو للتفاؤل؟
أنا لست متفائلا في أن يتوقف هذا التطور في المستقبل القريب. فعلى المستوى العالمي يوجد بكل بساطة إمكانات ضئيلة لإيجاد الحلول للمشكلات والأزمات. عوامل أخرى مثل معدلات نمو السكان وتغيرات المناخ وندرة الغذاء والماء تزيد من حدة وسوء الأوضاع الإنسانية. إلا أنه لابد من الإشارة إلى أهمية احترام قانون الهجرة – فيما عدا بعض الاستثناءات القليلة – وأن تتمكن غالبية الناس من العثور على المأوى من الأزمات، والحماية من الملاحقة والاضطهاد. إلا أن غالبية اللاجئين اليوم يتم استقبالهم في بلدان نامية، حيث توجد الحاجة الماسة إلى مزيد من الدعم والمساعدة الدوليين.
الحروب الأهلية في سورية والعراق تسببت في اندلاع كوارث إنسانية. هل يواجه المجتمع الدولي مسؤولياته تجاه الضحايا بالشكل المطلوب؟
الاستعداد لتقديم المساعدات الإنسانية من قبل المانحين كبير جدا، إلا أن الحاجة هائلة، إلى درجة أن هذه المساعدات لن تكون كافية بأي حال. علاوة على الآثار السياسية الأمنية للأزمة السورية بالنسبة لمجمل المنطقة، فإن الدول المجاورة تواجه ظروفا صعبة جدا، تجرفها إلى عمق الأزمة، بسبب موجات الهجرة الهائلة. ومن أجل مساعدة اللاجئين يجب مساعدة الدول المستقبلة لهم أيضا. الضغط على البنية التحتية لهذه البلدان، على مستشفياتها ومدارسها وعلى موازناتها العامة كبير جدا. والآن جاء دور التعاون في مجال التنمية، الذي يساعد على استقرار الأوضاع.
أيضا في ألمانيا، ارتفع عدد اللاجئين إلى مستوى لم يبلغه منذ أواسط التسعينيات. هل كانت ألمانيا مستعدة لمثل هذه المستجدات؟
ضمن السياق الأوروبي تتمتع ألمانيا بتراث عريق في مجال الهجرة واللجوء. وعلى ضوء الأزمات الحالية تبذل الكثير من الدوائر المحلية ومن المواطنين أيضا الجهود من أجل استقبال الباحثين عن المأوى والترحيب بهم، وإبراز التعاطف والتضامن معهم. هذا يستحق الكثير من الاحترام، لأنه أمر ينتشر على مستوى المجتمع. عندما يدور الأمر حول تأمين الملجأ المناسب بالمستوى الإنساني اللائق فإن هذا لا يعني بالتأكيد تأمين سرير للنوم ليلة أو بضع ليال فقط. إنني مدرك تماما للتحديات المرتبطة بتزايد عدد القادمين الباحثين عن حق اللجوء، وإنني على ثقة أن التحسينات الضرورية وزيادة القدرات من أجل استيعاب المزيد من اللاجئين هي موضوعات سياسية تحظى بالأولوية لدى أصحاب القرار.
عبرت أكثر من مرة بشيء من الانتقاد عن ضعف التنسيق في السياسة الأوروبية المتعلقة بقوانين اللجوء. في عام 2013 أعطى البرلمان الأوروبي الضوء الأخضر لإطلاق نظام لجوء أوروبي جديد موحد. هل تسير أوروبا على الطريق الصحيحة؟
إعادة صياغة قواعد منح حق اللجوء ضمن إطار نظام لجوء أوروبي موحد هي من الموضوعات المهمة التي تشكل خطوة أساسية نحو الأمام. ولكن مازالت العديد من البلدان الأوروبية متمسكة بقانون لجوء متقادم وغير كاف أو مناسب.
إلى أي مدى؟
يواجه طالبو اللجوء صعوبات في دخول بعض البلدان، من أجل المثول أمام المحاكم. يوجد فوارق كبيرة جدا بين الدول الأعضاء، فيما يتعلق بنسبة المقبولين الذين يُمنَحون حق اللجوء. والمساعدات التي يتم تقديمها للاجئين من أجل تسهيل اندماجهم غير كافية بأي حال من الأحوال. كثير من البلدان الأوروبية تواجه تحديات معقدة صعبة. هناك بلدان في شرق وجنوب أوروبا، وأخرى مجاورة لأوروبا من جهة الجنوب يتوجب عليها جميعا مواجهة تحديات صعبة جدا. مثال حزين تقدمه لنا دراما اللاجئين في البحر الأبيض المتوسط. مع نهاية مهمة البحرية الإيطالية "بحر نوستروم"، التي لا يوجد حاليا بديل مكافئ لها، من حيث إمكانات البحث والإنقاذ، فإن المخاوف تتزايد من تفاقم أعداد القتلى. تستقبل أوروبا فقط 8% من الباحثين عن اللجوء في شتى أنحاء العالم. أي أنه مازال بالإمكان العثور على الحلول.
ما هي التحديات الأكبر التي ستواجه استقبال النازحين وطالبي اللجوء في المستقبل، وما هي البلدان الأخرى التي تسبب لكم الأرق إلى جانب سورية والعراق؟
يتوجه معظم الاهتمام الإعلامي إلى دول الشرق الأوسط وأوكرانيا، ولكن بالنسبة لمفوضية UNHCR فإن الحاجة الأكبر للتمويل والمتخصصين هي في أفريقيا. جنوب السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى تعانيان حاليا من أزمات إنسانية فادحة، ومشكلات كبيرة. علاوة على ذلك يوجد العديد من الأزمات الطويلة الأجل والتي تبقى بلا حلول، ويبقى اللاجئون ضحاياها على مدى عشرات السنين. الصومال وأفغانستان هما من الأمثلة على ذلك. هنا نعمل بتعاون وثيق مع الدول المعنية، والدول المستقبلة للنازحين ومنظمات أخرى متنوعة من أجل إيجاد حلول ممكنة قائمة على أسس متينة.
أجرت اللقاء: هيلين سيبوم