إلى المحتوى الرئيسي

"نحن الشعب"

عودة الوحدة الألمانية: شعار الثورة السلمية في 1989 كان صرخة ضد الانقسام ودعوة للتخلي عن العنف.

بيتر فينزيرسكي, 28.09.2021
ملصقات من 1989 في متحف التاريخ الألماني في برلين
ملصقات من 1989 في متحف التاريخ الألماني في برلين © picture-alliance

سقوط الجدار في التاسع من تشرين الثاني/نوفمبر 1989 في برلين وإلغاء الحدود التي قسمت ألمانيا طيلة 40 عاما كان نتيجة الثورة السلمية خلال الأشهر التي سبقت. حينها لم يتحدث أحد عن "الثورة السلمية"، ولكن بتأمل الأحداث وموجات مغادرة البلاد والاحتجاجات والتظاهرات تم التوصل إلى هذا المصطلح.

فقد كانت النتيجة غير معروفة في ذلك الوقت. ألمانيا الديمقراطية DDR كانت ديكتاتورية قائمة على العزل، تمتلك واحدا من أكبر الأجهزة الأمنية في العالم. الثورة والمعارضة، بل حتى أبسط أنواع الانتقاد للأوضاع في المدارس أو الدراسة أو في الشركة كانت تقود إلى أنواع مختلفة من القمع: من الاعتقال إلى الحكم القضائي، إلى الطرد خارج البلاد أو الحرمان من التعليم، ومن تقييد حرية الحركة ضمن بلدان الكتلة الشرقية حتى منح وثائق هوية شخصية بديلة معروفة باسم "PM12"، التي تقيد حرية الحركة حتى في داخل أراضي ألمانيا الديمقراطية نفسها.

ثورة بلا عنف

ولكن جميع وسائل الطغيان لدولة ألمانيا الديمقراطية فقدت رهبتها، وذلك بشكل خاص لأن الفاعلين أنفسهم أحجموا عن ممارسة العنف. مجموعات السلام والمرأة والبيئة والديمقراطية المستقلة التي كانت ناشطة منذ مطلع الثمانينيات على هامش الكنيسة الإنجيلية اكتسبت شرعية وقوة لا تقاوم. وقد تم في لايبزيغ بشكل خاص في 1989 إرساء الأساس الذي يقوم عليه مجتمعنا اليوم. حيث تجرأ هناك في التاسع من تشرين الأول/أكتوبر ما يزيد عن 100000 إنسان على الخروج إلى الشوارع متظاهرين. في الرابع من أيلول/سبتمبر انطلقت أولى محاولات التظاهر، يقودها شباب شاركوا في تطوير وتأدية صلوات السلام في كنيسة نيكولاي. وقد رفعوا شعار: "من أجل دولة منفتحة، وأناس أحرار".

"الحرية" كانت المطلب الأساسي في مظاهرة الاثنين الأسطورية، في التاسع من تشرين الأول/أكتوبر 1989 في لايبزيغ.
"الحرية" كانت المطلب الأساسي في مظاهرة الاثنين الأسطورية، في التاسع من تشرين الأول/أكتوبر 1989 في لايبزيغ. © picture-alliance / dpa

في التاسع من تشرين الأول/أكتوبر قامت المجموعة بتوزيع 30000 منشور تمت طباعتها سرا، مكتوب عليها بالخط العريض: "نحن الشعب". إلا أن هذا لم يكن دعوة لعودة الوحدة، وإنما كان موجها إلى عناصر الشرطة الشعبية ومجموعات العمال المقاتلين، الذين كان لزاما عليهم أن يفهموا أنهم في لايبزيغ، كما في جميع أنحاء البلاد، يجلسون جميعا في قارب واحد، وأنهم يقفون في مهماتهم في مواجهة أطفالهم وأقربائهم وجيرانهم. في المنشور كُتِبَ أيضا: "العنف بيننا يترك جروحا دامية إلى الأبد. اليوم من واجبنا ومسؤوليتنا الحيلولة دون تفاقهم دائرة العنف. مستقبلنا يتوقف على هذا الأمر".

في التاسع من تشرين الأول/أكتوبر 2009 تم تركيب "جرس الحرية" في لايبزيغ. كل يوم اثنين يدق الجرس عند الساعة 18:35 اثني عشرة مرة، إحياء لذكرى التاسع من تشرين الأول/أكتوبر 1989.
في التاسع من تشرين الأول/أكتوبر 2009 تم تركيب "جرس الحرية" في لايبزيغ. كل يوم اثنين يدق الجرس عند الساعة 18:35 اثني عشرة مرة، إحياء لذكرى التاسع من تشرين الأول/أكتوبر 1989. © picture-alliance/ dpa

كان من المحير غالبا وحتى الآن، كيف نشأت دعوة "نحن الشعب!". عندما تدفقت الجموع إلى طريق لايبزيغ الدائرية المحيطة بمركز المدينة، كانت أولى النداءات: "انضموا إلينا! انضموا إلينا!" إحدى الفتيات، ابنة الثمانية عشر عاما، كاثرين فالتر، وقفت متخفية وراء إحدى نوافذ الكنيسة، وكتبت النداءات والشعارات التي يتم النداء بها، وهناك من على برج الكنيسة قام شابان آخران سرا بتصوير مسير المظاهرة. انتشرت الصور في مختلف أرجاء العالم. الناس في الشوارع نادوا: "نحن لسنا مشاغبين، ولسنا مجرمين"، حيث كانت جميع جرائد نظام الحزب الشيوعي SED قد وصفت المتظاهرين بأنهم "عناصر مشاغبة ومجرمة".

مظاهرة أمام مركز قيادة "شتازي" في لايبزيغ

عندما مروا أمام مركز جهاز أمن الدولة "شتازي" في لايبزيغ، أصبح الأمر حقيقة. هناك تطور نداء "نحن لسنا مشاغبين" إلى نداء "نحن الشعب". إلا أن الموضوع لم يكن العزل، وإنما اقتلاع جدران الانقسام بين أبناء الشعب من جذورها، وهذا تضمن أيضا إلى جانب نداء "نحن الشعب!"، باستمرار نداء "لا للعنف!" لهذا السبب تقف الأهداف المناهضة للديمقراطية، وإساءة استخدام هذا الشعار اليوم، في مواجهة أفكار الثورة السلمية من 1989 التي نجحت بشكل أو بآخر في تلبية مطالب الثورة الألمانية التي فشلت في 1848، والتي كانت تنادي بحرية الصحافة والتجمع، وغيرها من الحريات.

 


بيتر فينزيرسكي، صحفي ومؤلف كتب وصانع أفلام وثائقية.

© www.deutschland.de

You would like to receive regular information about Germany? Subscribe here